نحن في المملكة العربية السعودية، بل في الخليج العربي ودول الشرق الأوسط نمر بمرحلة سياسية وعسكرية تتطلب منا تدبر التاريخ الحديث، وعلينا ألا نستبعد تنشيط الجماعات الإرهابية محاولاتها لاستقطاب شبابنا بدعاوى جهادية، فعلى شبابنا الحذر من داعش وأمثاله ممن قد يروج للمشاركة في صراع دموي في سورية سواء مع هذا الفصيل أو مع ذاك .. فهي حق أريد بها باطل.
ولأننا بحمد الله مجتمع ملتزم، والالتزام صفة عامة لأغلب الشعب السعودي على اختلاف مذاهبهم، كان من السهل التحدث معهم من هذا المنطلق الشرعي، ولذا أتمنى من وزارة الإعلام التعاون مع العلماء الشرعيين والدعاة المؤهلين بهدف بيان أنواع الجهاد وشروطه التي منها أن يأمر ولي الأمر بالجهاد، هذه التدابير ضرورية حماية لشبابنا الغض قليل الخبرة من الجري وراء من قد يطالبهم بالخروج على الحاكم وتكفير الأمة واستباحة دماء المسلمين!!، كما أن فتح المجال للتبرع الرسمي لفلسطين وسورية واليمن سيريح المواطنين وغيرهم وسينظم ويحقق دعما شعبيا لأهالينا في فلسطين وسورية واليمن وبورما.
كما أن وزارة التعليم سيكون لها دور محوري وفاعل في هذه المرحلة الحرجة إذ إنها قادرة - بإذن الله - على الاستعانة ببعض الدعاة المؤهلين تأهيلا شرعيا ممن يملكون القبول عند فئة الشباب لعقد محاضرات عامة تبين شروط الجهاد وأنواعه وصفات الخوارج ودعاواهم الباطلة وتاريخهم الأسود، على أن تترك جزءا منها لتفاعل الحضور، وليتها تعتمد تطعيم هذه المحاضرات بالمسابقات والجوائز القيمة.. كرحلات للعمرة وزيارة المسجد النبوي وغيرها.
إن تحصين الشباب كان وما زال من أولوياتنا، ولكنه اليوم هو أول هذه الأولويات، وعلينا الاعتقاد جزما بأن هناك من يحاول وسيحاول تحويل الحرب الدائرة على الأرض السورية إلى حرب فكرية داخلية موجها التهم والتكفير إلى رموزنا الشرعية والفكرية. واضعا نصب عينيه صب الزيت على النار. والله المستعان.
كما أتمنى من وزارة التربية والتعليم عدم الاكتفاء بذلك إذ ينتظر منها التخطيط المدروس المبني على أرض الواقع والمدعوم من وزارة الداخلية والجهات المعنية لبيان الحقائق الشرعية لهذه الحال غير المستقرة التي نمر بها كأمة في فلسطين واليمن وسورية وبورما والعراق، ووزارة التعليم قادرة إن شاء الله على توجيه أبنائنا نفسيا وفكريا وجسديا.
ولا بد من تكثيف التوعية بعد الثانوية، فمعظم من انخرط في الأعمال الإرهابية من أبناء المراحل النظامية، وقليل منهم من أتم التعليم الجامعي أو العالي أو المهني، وهذه نقطة لا بد من الاهتمام بها، فالشاب الذي يرى نفسه عديم الفائدة مقارنة بزملاء له يعمد إلى عمل يعتقد أنه بطولي يجعله متفوقا على أقرانه.
كما أنه من المهم بيان أنه من الظلم أن نتهم مناهج التعليم في المراحل النظامية على أنها تولد الفكر الإرهابي.. بل الفراغ ثم الفراغ ثم الفراغ، واليأس ثم اليأس ثم اليأس لدى فئة من الشباب ممن عجز عن الحصول على التأهيل العالي، وبالتالي عجز عن الحصول على وظيفة ثم عجز عن تكوين أسرة، ويأتي من يصور له أن قتل نفسه ولو بتفجيرها أسرع طريقة للجنة حيث النعيم المقيم.
ودون أدنى شك سنشهد من الجماعات الإرهابية تحريضا من خلال تحفيز الحماس الديني لدى شبابنا، وإن لم نسرع باحتضانهم سيقعون في خنادق ملغومة تقضي عليهم لا محالة، إذ قد يجندون من قبل عصابات داعش وأمثالها، وقد تأتي إيران تحت غطاء داعشي مستغلة عدم وجود تنظيم مركزي لهذه الجماعة فتدعي أنها داعشية وتمول شبابنا وتلغمهم بالأفكار التكفيرية والأحزمة الناسفة.. وبالتالي علينا أن نعترف أن شبابنا قد يكونون في خطر إن لم نتعامل مع المرحلة الراهنة بحرفية عالية تستهدف ضم شبابنا واستغلال حماسهم لصالح الدين ولصالح حاضنة الحرمين.
مخطئ من يظن أن هذه المرحلة ستمر بسلام دون وعي وتخطيط مسبق متعدد الجهات وموجه لهدف واحد هو توعية المواطنين بشكل عام والشباب بشكل خاص. وهذا التخطيط يتطلب تدريب المرشدين النفسيين والتربويين في كافة المدارس حتى يكونوا قادرين على الكشف على التغيرات النفسية لشبابنا في مراحلها الأولى والطرق السليمة للتعامل معها.
التعليم والإعلام كلاهما شريك في التوعية ولا يمكن أن يقوم بالواجب طرف دون آخر.. لنبدأ العمل اليوم قبل الغد ولنطالب القطاع الخاص بالمساهمة في هذه التوعية من خلال تعليق ملصقات على الطرق الرئيسة والفرعية تحذر من هذا العدو الذي أراد أن يقتحم بيوتنا ويحول أبناءنا إلى أعداء يفتكون بنا قبل غيرنا، ولنطلق على هذه الحملة مسميات مؤثرة على سبيل المثال (تكفى يا سعد).