ولكي يمتنع الوسطاء، فأنا لا أكتب اليوم في الرياضة لأنها مستودع الألسنة الصاخبة التي لا أستطيع مقاومة عواصفها العاتية. أنا اليوم أكتب عن "خالد شكري" كأنموذج عندما يرمي على ظهره الضعيف كبار أباطرة الإدارة أخطاءهم الكوارثية، فمن هو خالد شكري وما القصة؟ القصة أن "كبار الرؤوس" في الاتحاد السعودي لكرة القدم تورطوا في قصة من صِنْف "الفضيحة" في الانحياز المكشوف السافر إلى أحد أطراف النزاع القانوني بين ناديين سعوديين. وعندما اكتملت أوراق الفضيحة بالإثباتات والبراهين لجأ "كبار الرؤوس" إلى نظرية الحلقة الأضعف: شلّها يا خالد شكري، وخالد هذا متعاقد وافد ثانوي. نفى مع الظهر أي علاقة له بهذه الفضيحة الإدارية ثم عاد في المساء نفسه لينفي كلامه السابق، وتحت الضغط: شلّها يا خالد شكري. هو وقصته لا يشبهان شيئا إلا حكاية تلك القرية الجبلية الكبرى حين يتورط "نواب" القرية الثلاثة في فضيحة من العيار الثقيل مع أي من سكان قريتهم أو مع إحدى القرى المجاورة ثم يلجؤون للكذبة الكبرى بدعوة "مستور" ليحمل هذا الخطأ الفادح نيابة عن كبار الرؤوس في القرية التي ضربت مثلها: شلّها يا مستور. و"مستور" هذا رجل هامشي بلا ظهر، بلا عائلة، وبلا عظام رقبة.

والخلاصة أن أنموذج "مستور" أو خالد شكري موجود في كل مكان في حياتنا الإدارية مع الأخطاء والكوارث، خالد شكري لزمة ضرورية في كل وزارة أو رئاسة أو هيئة أو إدارة أو بلدية أو شركة ماء وكهرباء أو حتى إدارة ضمان اجتماعي. خالد شكري هو اللزمة الضرورية التي أنقذت ورطة لجان الاتحاد السعودي لكرة القدم وكبار رؤوسه مثلما هو أنموذج "مستور" الضعيف "الغلبان" الذي يتحمل في كل إدارة حكومية كوارث العقود والمناقصات وأخطاء الترسية واستلام المشاريع، خالد شكري لزمة ضرورية لا بد أن تتواجد في كل وزارة أو إدارة أو رئاسة كي تنقذ الكبار في زمن الورطة، وكي تستطيع كل وزارة أو رئاسة أو إدارة أن تكتب بيانات التوضيح والاعتذار بظهر بارد. هو التحويلة التاريخية في عوالم الإدارة مع كل فضيحة وفي أعقاب كل كارثة أو خطأ يرتكبه أصحاب السعادة. خالد شكري هو الأنموذج لمنهج إدارتنا: يصحو في الصباح ليقول إنه "لا يعلم عن الموضوع أي شيء"، لكنه لا ينام في ذات المساء إلا وقد تحمل المسؤولية كاملة. خالد شكري، وفي كل إدارة، هو أنموذج أكبر دورة تدريب مكثفة للساعات القصيرة جدا ما بين قوله "لا أعلم... وبين قوله... أنا أتحمل المسؤولية". هو آخر نماذج "مستور"، وهذا يكفي للدلالة على أننا لم نذهب بعيدا في عوالم إدارتنا عن أعراف القرية.