احتفلت المملكة قبل أيام بالذكرى الـ(85) لتوحيد الوطن على يد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود ـ يرحمه الله ـ الذي صادف 23 من سبتمبر، وتأجل الاحتفاء به حتى نهاية موسم الحج لعدة مدلولات.. ارتكز عليها هذا الاحتفال، يأتي في مقدمة هذه المدلولات ذلك الشعور بالانتماء لهذا الوطن الكبير الشامخ بمنجزات ملوكه وقيادته والشامخ باللحمة الوطنية التي برهنت الأيام فيها أن اختراقها يصعب مع توالي الليل والنهار.

كما أن من مدلولات هذا الاحتفاء وتذكر اليوم الوطني هو الشعور بالأمن الذي تفقده كثير من البلدان في عالم أصبح القوي يبتلع الضعيف حتى وصلت في بعض الأوطان مع كل أسف إلى شريعة الغاب، وتمنى أبناء تلك البلدان أن يتحقق لهم ما نعيشه من أمن واستقرار فُقد في حياتهم حتى مع أسرهم بسبب الطغيان والظلم اللذين يمارسان على شعوبهم، لذا وجب الشكر ونحن نتذكر كيف وحد الملك عبدالعزيز أطراف هذا الوطن القارة بسواعد الإيمان وإخلاص الرجال وثبات العقيدة.

لقد أعجبني التفاعل في يوم الوطن بأن هذا التاريخ أصبح لا يمر علينا إلا ونقف احتراماً للعلم الذي يجب أن يغرز في نفوسنا الانتماء الحقيقي لهذا التراب، ونكشف عور أولئك الخونة الذين باعوا وطنهم إلى الفكر الضال والارتماء في أحضان أهل الضلال الذين يدعون أنهم على حق، وهم أبعد الناس عن العقيدة وصفائها، فكيف بمن يشكك في وطنية هذا الجسد الواحد الذي نفخر بالانتماء إليه والدفاع عنه.

لقد ودعنا هذا الاحتفاء وأبناؤنا وجنودنا البواسل على الحد الجنوبي بعيدون كل البعد عن بيوتهم وعائلاتهم في أيام العيد وذكرى الوطن لأنهم يؤمنون ـ حرسهم الله ـ بأن من الانتماء لهذا الكيان الإيماني المملكة العربية السعودية هو الدفاع عنها بالدم والروح ونيل الشهادة دفاعاً عن عقيدة صحيحة لا يشوبها فكر تكفيري أو ضلالي أو بدعة هنا أو هناك.

إن شعورنا بأن يوم الوطن مر علينا ونحن نجود ونفخر بكل قطرة دم تحرس حدودنا من اللوث الفكري لهو شهادة في نجاح أبنائنا لهذا الوطن العزيز صغيرنا وكبيرنا على حد سواء رغم حقد الحاقدين.

شعورنا أن هذا الاحتفال يعود الناشئة على أن هذا البناء الشامخ قام على أكتاف رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فيجب علينا أن نُكرر الشكر للمنعم ـ سبحانه ـ أن جعلنا في أقدس البقاع وخداماً للحرمين الشريفين، فيها يسعد كل مواطن بانتمائه لهذا النسيج السعودي الذي يرفع علم التوحيد ورمز الوحدة وسيف الحق الذي يجب أن يُشهر في وجه كل عدو حاقد متربص بهذا الوطن وأهله، وعلينا اليقظة وفتح العيون والنظر بالبصيرة إلى ما يحاك حولنا من دسائس ويراد لنا من تفرق سهر عليه الأجداد وتوحدنا عليه في ظل أسرة مباركة بايعناها على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتنبه إلى ما يخطط له الأعداء من هدم اللحمة الوطنية عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي تغزو عقول الناشئة إن لم يكن هناك وعي في الأسرة والمؤسسة التعليمية والرسالة الإعلامية.

إن هذه المؤسسات عليها عبء كبير ومسؤولية عظيمة لتوعية جيل اليوم وجيل الغد حتى تنجو السفينة بإذن إلهي وليستمر بناء الوطن شامخاً ترفرف فيه كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله بإذن الله عز وجل.