1_ السؤال الذي يفرض نفسه هو:
هل ما يحدث من تغول إيراني في الوطن العربي هو نتيجة وعد يتحقق بعودة الإمام المنتظر، أم هو علامة عليه "كما يصرح بذلك قاسم سليماني وقبله المرشد الأعلى للثورة"، أم أنه من صنيعة أخطاء الشيطان الأكبر "أميركا"؟، وعلامة ذلك أن المظالم هي الوجه الماثل ليوميات إيران، ولا يمكن تصور أن الذي يجري هو من علامات ظهور المهدي الذي أهم صفاته أنه يملأ الأرض عدلا ويخلصها من الظلم المخيم عليها!
إن وعد الإمام المنتظر هو العدل، وليس صناعة في التوحش والمظالم.
هنا لا مفر من السؤال: هل ينوب الظالم عن العادل؟!
ولا شك أن ما نراه من سيرة الثورة الخمينية هي مظالم متصلة طالت الشعب الإيراني بكل مكوناته أولا، ثم تمددت لتدمر أربع عواصم عربية تغنى الملالي باحتلالها، وهذا ما أحدث توحشا في الثقافة وتوحشا في علاقات البشر مع البشر، وهذه ليست سيرة العدل ولكنها شيطنة لكل ما هو إنساني في الثقافة وفي جغرافية العلاقات البشرية.
هنا سنرى أن الشيطان الأكبر يسكن في المتن وليس في التفاصيل، وهي الخلاصة التي تنتهي إليها أية قراءة للتناقض البنيوي بين الدعوى والفعل.
2 ـ إيران: من يسمي الحقيقة؟
احتاج ديك تشيني أربعة عشر عاما كي يعلن على الأشهاد أن إيران والقاعدة معا هما من يقف وراء حادثة الحادي عشر من سبتمبر 2001، وأكد أن إيران نفسها هي صانعة "داعش"، "معهد أميركان إنتر برايز 9/ 9/ 2015، وانظر جريدة الوطن 11/ 11/ 2015"، ولا شك أن كثيرين سيحتاجون سنوات كي يعلنوا عن تسميتهم الصريحة للأيادي الخفية لإيران في أمور إرهابية أخرى في المنطقة العربية وغيرها من العالم.
من الواضح أن إيران تقدم للعالم يدا ناعمة تحمل ابتسامات جواد وزير خارجيتها الذي يهتم بالتجوال ليطرح فكرة تكوين تحالف لمحاربة الإرهاب، في الوقت الذي يجري كشف متفجرات في الأردن وفي الكويت وفي البحرين كانت تكفي لتفجير المنامة كلها في لحظة، وكذا قالت التحقيقات عن متفجرات الكويت، وكل هذا أو بعضه يشير إلى اليد الخفية التي تندس خلف معطف ظريف، وما بين وجه ظريف الباسم ووجه قاسم سليماني المتوعد بأنه يحمل نصرا من الله مكتوبا للمرشد الأعلى تختبئ حقيقة إيران التي تفاجئك يوما بعد يوم، كي تسميها باسمها الصريح وتهمتها المباشرة، والمجاز الثوري لها هو أن ترسل حجاجا في ثياب الإحرام وفي حقائبهم متفجرات تكفي لتفجير مشعر منى في 1987، وكذلك بأن تقدم وجها مبتسما وخلفه يد متفجرة.
هذه ثنائية "المتوحشة الناعمة"، وهي الصيغة التي تقوم على طباق ثقافي صار علامة ملازمة لصورة إيران منذ ثورتها الخمينية عام 1979 إلى ما بعد الاتفاق النووي في يوليو 2015، ومن هنا جاءت مقالاتي السابقة محاولةً لتسمية الأشياء بأسمائها.