لعل كثيرين يتفقون معي على أن الفن العربي لم يقدم ما يوازي التحديات الوجودية التي تواجه الأمة خلال هذه السنوات التي يحتار فيها الحليم.

مرت علينا أحداث جسام قادرة على تحريك أكثر المخيلات جفافا، ولم نر أعمالا فنية ذات قيمة تتناول هذه الأحداث وتأثيراتها على حياتنا، كما فعل الأوربيون مع الحربين العالميتين، أو الأميركان مع حرب فيتنام، أو حتى مع أحداث أقل أهمية مثل إعصار كاترينا.

كأن الفنان العربي معزول عن حياة مجتمعه، أو يتجاهلها لسبب غير مفهوم. تعاني مجتمعاتنا من الإرهاب منذ عقدين، فكم عملا فنيا قدمنا عن الإرهاب؟ هل سمعتم أغاني تتعاطف مع ضحاياه؟ هل رأيتم أفلاما أو مسلسلات تحلل هذه الظاهرة وتتناول أسبابها وآثارها من خلال الضحية أو الجلاد؟

اُبتُلينا بالجماعات الميليشياوية الإجرامية مثل داعش وما زلنا نطوف حول محاورنا القديمة في قصص العشق ومشاكل الزواج والثروة والطلاق والمناكفات الأسرية! لا أستطيع أن أفهم هذا الفصل التعسفي بين الفن ومحيطه، ولا أسباب الهرب الممنهج من مواجهة الواقع!

كان من الجميل خلال الموسم الدرامي الماضي مشاهدة حلقات قليلة لناصر القصبي وفريق مسلسله "سلفي" تتناول الظاهرة الداعشية، ولكن الحدث على أرض الواقع أكبر من مجرد طرحه في حلقتين أو حتى مسلسلين مدروسين.

أما الفن الغنائي فحكايته أكثر غرابة. أظن أحيانا أن مطربينا وملحنينا لا يستطيعون الخروج من منطقة الغزل! أتمنى من البرامج الغنائية التي بدأ موسمها خلال هذه الفترة مثل برنامج فنان العرب، أن تتدارك هذا القصور وتوجه المتسابقين إلى التنويع في مواضيع الأغاني.

الفن الحقيقي الذي يبقى ينزل إلى الأرض ليفترشها مع الناس.