النوايا الطيبة لا تكفي أحيانا.. تقول النكتة إن أحد الأشخاص قرر التوبة من تعاطي المخدرات وترك دروب "الدشارة" والضياع، وقام بمرافقة أحد الدعاة المجتهدين رغبة في التكفير عن ماضيه، والاستزادة من الأعمال الصالحة.

وفي يوم من الأيام، دخلوا مسجدا كبيرا ممتلئا بالناس، وبعدما فرغوا من أداء الصلاة قال له الداعية: "قم وقل لهم قصتك يوم كنت صايع وحرامي ومدمن مخدرات قبل أن يهديك الله وتتوب".

فقام قائلا: "صلوا على النبي.. أنا كنت مدمن مخدرات وحرامي وأحشش وأسكر، كنت صايع ضايع، وكان الله ساتر علي، ومن يوم مشيت مع هالداعية ما ترك مسجد ما فضحني فيه"!

كما قلت في السطر الأول النوايا الطيبة ليست كافية أحيانا، ما لم تُقرن بالأعمال أو الأقوال.. فقط لأن ما في القلوب لا يعلمه إلا مقلّبها ومثبتها سبحانه.. أُقدّر حماس بعض الدعاة الأفاضل وطيب نواياهم، ونبل مقاصدهم، واجتهادهم في التبسّط لفئة الشباب، ومخاطبتهم بأسلوب يلامس مشاعرهم، لكن ما هكذا تؤتى الأمور.. تقوم بسرد ماضيك الذي ستره الله لغرض إضحاك الآخرين -ليس صحيحا أن الغاية تبرر الوسيلة- هذا ليس أسلوب دعوة وطريقة وعظ!

تابعت عددا من مقاطع الفيديو التي انتشرت خلال اليومين الماضيين.. الحقيقة أنها غير لائقة.. تُشعرك بالإحباط فعلا.. لأسباب عدة:

أولا: أنها تصوّر هذا الدين العظيم على أنه دين جنس وشهوة، فيتجاوز "الحلم بالجنة" رؤية الله سبحانه وتعالى، ومصاحبة نبيه الكريم، والاستمتاع بجنة عرضها السماوات والأرض، إلى متعة واحدة، متعة جنسية، تصل لاستغراق بعض الدعاة في وصف الحور العين، بل ويوغل في الوصف بشكل مخجل أحيانا، وكأنه يعاني من سُعار جنسي، لدرجة تشعرك بالشفقة على حال بعض الدعاة اليوم.

ثانيا: أن هذه الفيديوهات تسيء إلى الدعوة بشكل عام، ولذلك فهي تفتح الباب مجددا لضرورة وجود رخص وشهادات ودورات معتمدة لممارسة الدعوة واعتلاء المنابر.

مع تقديري لبعض الدعاة الأفاضل، الاجتهاد والحماس والنوايا الطيبة ليست كافية في مجال الدعوة بالذات.