كلما سمعت عن ثنائية "أميركا- إسرائيل" تبادر إلى ذهني ثنائية "أميركا- إيران"، وقلت ذلك لصديقي الذي يعتقد بأن الولايات المتحدة وإسرائيل صنوان لا يفترقان، فسألني: هل تشبّه إيران الدولة المسلمة بـ"إسرائيل"؟ فقلت له البيت الشهير للشاعر خلف بن هذال: "من بد صهيون أذتنا صهاينا".
عودوا معي إلى تسلسل الأحداث، فكلما فشلت إيران في تحقيق هدف، جاءت أميركا على بساط الريح لتحققه لها.
إيران الخميني فشلت في تصدير الثورة، ونجحت أميركا في ذلك عبر ربيعها. إيران فشلت في غزو العراق، فجاءت أميركا بخيار "الفوضى الخلاقة" وسلمت العراق بقضه وقضيضه إلى الإيرانيين، ليعبثوا في أرضه ويجعلون الشعب العراقي يترحم على أيام الديكتاتور صدام حسين، ولم يكتف العم سام بذلك بل جعل حلم "الهلال الفارسي" يدغدغ المخيلة الإيرانية من جديد، فلبنان حزب الله، وعراق العبادي، وسورية الأسد، كلها الآن بؤر تصليها إيران بنار سياساتها "الفجة" وتحركها بالأحداث المتتالية.
طهران التي أنهت الاتفاق النووي مع واشنطن، تواصل إحراج نفسها وإحراج المتضامنين معها "سياسيا"، وربما إذا أخذنا الأمر من زاوية أخرى، تخدم مصالح الآخرين، فإن إحداث بؤر ساخنة في المنطقة من أقصاها إلى أقصاها لا يمكن أن يخدم الإسلام والمسلمين، ولا يمكن أن يخدم دول المنطقة بأي شكل من الأشكال، فإيران التي حولت لبنان إلى خرابة سياسية هي نفسها التي عبثت بالعراق، وهي نفسها التي تعبث في سورية، ليس هذا فحسب بل هي من يقف خلف أزمة اليمن، وهي التي تحاول زعزعة أمن البحرين بطريقة فجة تخترق كل المواثيق الإسلامية والأعراف الدولية والقانونية.
تتوهم إيران؛ أنه لا يمكن أن يكون لها حضورها الإقليمي إلا على حساب جيرانها العرب، حتى بات كل ما هو عربي "عقدة" بالنسبة إلى طهران، فلم يكن أمامها سوى تصدير ثورتها العمياء، واللعب على الوتر المذهبي لخدمة هذا الهوس بالهيمنة والنفوذ الإقليميين.
هذا الجنون السياسي لإيران -جنون الهيمنة والتمدد- سيقودها إلى الهلاك، والولايات المتحدة التي كان من المفترض أن تصنف إيران كدولة إرهابية بدلا من أن تتفق معها نوويا؛ ربما تستفيد مرحليا من هذا "الجنون الإيراني"، لكنها حتما ستندم على الصعيد الاستراتيجي.