لا يزال حلم تملك السكن هاجسا يراود كل مواطن، إلا أن كثيرا من أرباب الأسر تجاوزوا سن الـ40 عاما ولم يستطيعوا الحصول على مسكن، ما يزيد من تفاقم المشكلة، حيث إن نسبة من تجاوز 40 سنة من مستحقي الدعم بلغت 31%، بينما أن نسبة من لا يمتلكون سكنا من عمر 30 إلى 39 سنة وصلت إلى 48% من مستحقي الدعم لدى وزارة الإسكان، في حين يرى مهتمون بالشأن العقاري أن الحلول التقليدية لن تجدي نفعا.وقال الاقتصادي والمهتم بالشأن العقاري تركي الدهمش لـ"الوطن" إن الحلول التقليدية بتوفير 500 ألف للمواطن لغرض البناء أو الشراء لن تجدي نفعاً، حيث إن ميزانية وزارة الإسكان تبلغ حالياً 170 مليار ريال، وعدد قائمة الانتظار في الصندوق العقاري 450 ألف مواطن، كما أن عدد مستحقي الدعم السكني أكثر من 750 ألف مواطن، مضيفاً: "وبهذه المعادلة ستحل مشكلة 300 ألف مواطن فقط، وسنعيش في هذه الدوامة لمدة 20 سنة، إضافة إلى ازدياد مؤشر التعداد السكاني السنوي بـ250 ألف مواطن سنويا، بمعنى أن الأجيال القادمة ستدخل في هذه المعمعة، إذ إن المخزون الإسكاني الحالي 6 ملايين وحدة سكنية تم بناؤها في 50 سنة، بينما يقدر حجم العجز بـ2,300,000 وحدة سكنية ومستهدف الوزارة 1,500,000 وحدة سكنية في خمس سنوات.




التكاتف لحل الأزمة

‏أشار الدهمش إلى حلول مهمة تبدأ من تكاتف جميع الجهات الحكومية والقطاع الخاص في تسهيل الإجراءات لوزارة الإسكان والمطورين المتعاونين مع الوزارة، وكذلك تطبيق مفهوم التكافل الاجتماعي، فدور البنوك والشركات الكبيرة تجاه الوطن والمواطن لا يشكل أي نسبة تذكر.

وقال: "يجب تطبيق رسوم الأراضي عاجلا، حيث إنها ستساعد في أمرين، إما إجبار الملاك على تطوير الأراضي أو بيعها وهذا سيؤثر في زيادة العرض وانخفاض السعر، فنسبة الأراضي البيضاء على سبيل المثال التي توجد في مدينة الرياض أكثر من 60% يقابلها عدد الأسر التي لا تمتلك منزلا 260 ألف بنسبة 52% وكذلك الحال للمدن الرئيسة الأخرى"، موضحاً أن من فوائد تطبيق الرسوم توفير مصدر دخل إضافي للدولة يتجاوز 150 مليار ريال وهذا محفز إيجابي لمساعدتها على حل المشكلة وتشجيع المطورين من الداخل أو التعاون مع دول خارجية وتطبيق تجاربهم حسب بيئتنا وثقافتنا.

ودعا إلى توفير منتجات سكنية موجودة في السوق الخارجية مثل البيوت الجاهزة التي لا تتجاوز كلفتها 200 ألف ريال وهي ذات جودة عالية ومقاومة للكوارث الطبيعية، مضيفاً: "وهذا سيجعل أسعار مواد البناء تنخفض، كما أنه علينا إقامة المدن العنقودية بالقرب من المدن الرئيسة وتوفير كافة الاحتياجات للمسكن والاستفادة من المساحات الكبيرة في الدولة".

 


استعانة بتخطيط خارجي

أشار الدهمش إلى ضرورة الاستعانة بالشركاء من دول خارجية، وتطبيق تجارب دول سبقتنا أقل مساحة وأكثر كثافة سكانية، مضيفاً: "مثلاً دولة اليابان مساحتها لا تتجاوز 378 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها 128 مليون نسمة، وأيضاً دولة سنغافورة مساحتها 710 كيلومترات مربعة وعدد سكانها أكثر من 5 ملايين نسمة ونسبة تملك السكن فيهما 94%، وكذلك دولة كوريا الجنوبية التي تبلغ مساحتها 100 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها 51 مليون نسمة، وجميع هذه الدول حلت مشكلة الإسكان، بينما السعودية مساحتها أكثر من 2 مليون كيلومتر مربع وعدد سكانها 30 مليون نسمة بنسبة تملك لا تتجاوز 40% من الأسر السعودية، في حين أن الإحصائية العمرية الأخيرة لمستحقي الدعم ذكرت أن نسبة من لا يمتلكون سكنا من عمر 30 إلى 39 سنة هي 48%، ونسبة من تجاوزوا 40 سنة هي 31% وهذه الأرقام كبيرة جداً.

 





أخطاء الوزارة

لفت الدهمش إلى أن وزير الإسكان أخطأ في تحميل المواطن فقط مشكلة الإسكان، فالواجب عليه أن يكون هو القائد لحل ذلك، فالمشكلة ليست فكر مواطن، بل مشكلة محتكري الأراضي ومواد البناء ونسب جهات التمويل، وأيضاً الارتفاع غير المبرر لأسعار الإيجارات السكنية، إضافة إلى عدد مخططات المنح البالغ عددها 3605 مخططات وهذا يجعل المواطن لا يستطيع مواجهة جميع هذه المشاكل وحده، فعلى سبيل المثال أصحاب الرواتب القليلة والمتوسطة الذين لا يستطيعون شراء المسكن يشكلون 75% من حجم الطلب في سوق العقار، لذلك يلجأ المواطن للجهات الممولة على افتراض امتلاكه أو اقتراضه مبلغ الدفعة المقدمة ليتم تمويله 25 سنة حتى يستطيع شراء مسكن وبنسبة فائدة لا تقل عن 70% من قيمة المسكن وهذا سيجعله يموت هماً قبل امتلاكه العقار.