في إحدى العواصم المجاورة شاهدت "دوّارًا" في أحد الشوارع العامة، كان مصمما بصورة جميلة، وغير مكلف في الوقت ذاته.
الذي لفت انتباهي، واستغرابي في الوقت نفسه هو لافتة جوار الدوّار كُتب عليها "هذا الدوّار إهداء من شركة..."!
الشركة ذاتها -بالاسم والشعار والنشاط- تعمل في بلادنا، وتحصد من الأرباح مئات الملايين.. بل إن أرباحها في بلادنا ربما تتجاوز أرباحها في ثلاث دول مجتمعة!
قد تكون هذه الموضوعات مطروحة في قنوات كثيرة منذ سنوات.. لكن هذا لا يلغي أهميتها.. بل وأهميتها القصوى.. قمت بجلسة عصف ذهني منفردة.. ما الذي جعل الشركة تخدم مجتمعا، وتمتنع عن خدمة مجتمع آخر؟ ما الذي يجعلها تسهم في بناء دولة، ولا تفعل الشيء ذاته في دولة أخرى؟! توصلت إلى سببين اثنين:
إما أن الحكومة هناك ألزمت هذه الشركة بالقيام بواجبها تجاه المجتمع بالإلزام.. فلا يمكن أن تحظى بأية تسهيلات أو قروض دون تقديم مقابل لذلك.. وإما أن رئيس مجلس إدارة تلك الشركة -وهو من مواطني البلد- استشعر دوره تجاه مجتمعه، أسرته، مواطني بلاده، وقام بترجمة ذلك فعليا في شوارع و"حارات" بلاده.
بينما نظيره -رئيس مجلس إدارتها في بلادنا وهو مواطن مثلنا- لم يأبه لذلك.. المهم هو "البونص" السنوي والامتيازات، والدولة هي المسؤولة عن بناء الوطن وليس لنا علاقة بها، ولن يسألنا أحد، أو يعتب علينا أحد، أو "يشره" علينا أحد!
قلت غير مرة -وهذا المؤلم- إن مجالس إدارات هذه الشركات العاملة في بلادنا هم سعوديون.. أسماؤهم معروفة.. مواطنون مثلنا.. حريصون على هذا الوطن.. لطالما تحدثنا حول مساهمات هذه الشركات للمجتمع.. بلغة مباشرة: ما الأعمال التي قدمتها هذه الشركات للوطن؟
أسكن مع مئة ألف مواطن ومواطنة في مدينة في أقصى الشمال، وكنا نتأمل منهم المساهمة الفعلية في بناء مدينتنا.. اليوم "شرهتنا" وصلت إلى حد متدنٍ، لم نعد نبحث عن الأفضلية في "الدوّارات".. غاية ما نريد: المعاملة بالمثل!