محمد صالح آل شمح


في المفهوم العلمي، التلوث هو إدخال الملوثات إلى البيئة الطبيعية، مما يلحق الضرر بها ويسبب الاضطراب في النظام البيئي.

أما في تعليمنا، فإن التلوث يصبح أساس البيئة المدرسية قبل التعليمية، وبها يكون تميز المدارس، فحين تجد إدارة المدرسة مهتمة بوضع كاميرات مراقبة للممرات والساحات الخارجية، حتما ستقل حالات التحرش الجسدي، وذلك بحسب رؤية وخبرة المدير، وأما عند وضع الكاميرات داخل الفصول، فإن النظافة وحب الطالب لفصله سيزداد حين يعلم أننا نراقبه وهو لا يراقب أفعاله مع الله ثم أخلاقه التي تربى عليها، وهو يرى قدوته يطالبه بشيء ويعمل العكس تماما.

عندها لا يكتفي الطاقم الإداري بالمراقبة البصرية، ولكن لزيادة التلوث البصري يضاف إليها تلوث سمعي بوضع سماعات بداخل الفصول كل مهمتها رفع الصوت "الصياح" على الطالب الذي نشاهده من خلف الشاشات يتحرك من طاولته. والأعجب من ذلك، أن كل الفصول وكل الممرات داخل المدرسة تعلم وتعرف اسم الطالب وفصله بمجرد مناداتنا له بالميكروفون الخاص بالسماعات وتوبيخه على مسمع من الجميع. فضلا عن إزعاج المدرسين في لحظة شرحهم داخل الفصول الأخرى.

بعدها لا تستغرب أن كان الطالب يدخل إلى شبه سجن يومي لا يستطيع التعبير عن حالته العمرية أو مراهقته التي خلقها الله له كفطرة داخله، ونحن بدورنا التربوي نكبتها بالكاميرات والسماعات والمراقبة الزائدة عن حدود نظرية التربية الحديثة، وبذلك يرتاح المدير في التعامل وقيادة المدرسة دون الخروج من المكتب.

ولزيادة التلوث التعليمي تجد أن إدارة التعليم الموقرة، والتي هي الجهة المشرفة على المدارس، تعدّ هذا السجن مدرسة مميزة وتهديها درع الشكر والتقدير استنادا للتقارير الورقية لا الحقيقية.

هنا، أترك الباقي مستورا وأنقل لكم معاناة يومية أسمعها وأعيشها وهي حقيقة ليست من الخيال... وحتما ستجدون المتبقي في مدارسنا!