تزويج طفلة صغيرة قاصرة جريمة لا تغتفر "وبيع بالمزاد العلني"، فالأب الذي يرمي ابنته القاصر في أحضان وحش آدمي منتش بفحولته ليس بإنسان سوي، ولا يخاف الله، ولا يُحسن رعاية من أؤتمن على ولايتها.. إنه شريك أساسي في تنفيذ جريمة إنسانية بحق فلذة كبده.. كان قدر هذه الطفلة البريئة المسكينة أن تكون سلعة تـُباع إذا احتاج والدها لمبلغ من المال، أو استدان من فحل ضخم الجثة عريض المنكبين ولم يجد مالا يُسدد دينه. وجد الحل الحاضر في ذهنه في ابنته المسكينة التي لا تعرف من أمور الحياة شيئا ليـُقدمها سدادا لدينه أو قربانا لكسب الرضا.


تتحول ليلة العمر التي تحلم بها الفتاة إلى ليلة رعب يلفها الخوف والقلق ويـُكممها الحزن والبؤس والشعور بالقهر والإحباط والهزيمة النفسية.. تقول إحدى الضحايا لأمها واصفة "ليلة الدخلة" المـُرعبة المدونة بمداد أسود: "يا أمي كله كوم وشكل العريس المُقرف بالسروال والفنيلة وكرشه الكبير وصلعته.. كوم ثاني". يا لها من عبارة تلخص كل شيء وأمامها تقف العبارات عاجزة عن صياغة وصف أبلغ. يحيل هذا المترهل "عريس الغفلة" الليلة التي تـُطارد خيالها ـ بأنها ليلة ولا ألف ليلة مفعمة بالجمال واللحظات التي تمر مر السحاب ـ إلى ليلة تترقـّب طيلة لحظاتها تباشير الصباح. يدخل عليها وهي تـُلاعب دميتها ولا تعلم بما يدور حولها. تتمنى أن تكون بين أترابها في مرابع الصبا.. تـُلاعبهن وتشاطرهن لحظات الفرح "وبدري عليها المعاشرة الزوجية والإنجاب والرضاعة".


زواج القاصرات هل أصبح ظاهرة في بعض زوايا المجتمع السعودي؟ سجلات مصلحة الإحصاءات العامة تقول نعم، فثلاثة آلاف فتاة سعودية لا تزيد أعمارهن عن 13 سنة يتزوجن من رجال يكبرونهن بـ25 سنة على الأقل.. ومادام أن المملكة انضمت عام 2000 لاتفاقية عام 1979 الخاصة بإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة ومنها "عدم شرعية تزويج الفتيات صغيرات السن"، ما يقضي بسن قانون يحدد الحد الأدنى لسن الزواج، فلماذا لاتبادر وزارة العدل إلى سن القانون بنظرة فاحصة لواقع الحاضر لا الماضي والإلزام بتطبيقه ومعاقبة من يخالفه من المأذونين والآباء بالسجن والغرامة؟





أرى أن الحد الأدنى لسن الزواج هو 18سنة، لأنه يـُمثل، من وجهة نظر علمية، نهاية مرحلة الطفولة المتأخرة وبداية مرحلة الشباب.