تزامنت لدينا مناسبة يومنا الوطني مع حلول عيد الأضحى المبارك، فكل عام وأنتم والوطن بخير، وتقبل الله منكم صالح الأعمال.
نتناول اليوم قضية الوطنية والمواطنة كمفاهيم تأثرت بالانفتاح الثقافي والفكري الذي مر به المجتمع في الفترة القصيرة الماضية، والتي أعطت دورها في إيجاد الحاجة إلى التطلع والبحث عنها، كأحد الحلول الملائمة لطموح المجتمع المدني، إضافة إلى ما حملت تلك الفترة من العوامل والأحداث التي أعطت تأثيرا واضحا انعكس في محاولات حثيثة لرفع الوعي الاجتماعي نحو تعزيز مفاهيمها، ولعلنا نلقي الضوء على مدى انعكاس القيمة المعرفية في الوعي الاجتماعي والممارسة السلوكية لدى المواطن.
لا تُعدّ المواطنة رمزا ذا دلالة كاملة إلا إذا حددت مفاهيمه في قالب تكاملي يجمع ما بين المعرفة والتفاعل، فتحديد الدلالات لفهمها يقتضي إيجاد المضامين والسياقات التي تتشكل وفق معطيات معينة تتضمن الفكر والمعرفة والسلوك، وبما أنه لا يوجد مجال على مزايدة المواطن في حبه لوطنه، فالوطنية وفق هذا النمط تشكل لدينا أهم المعطيات، وحين تتوافر لدينا المشاعر الوطنية فلا بد من أن تظهر على الاستجابات العاطفية التي تفسرها طبيعة الانتماء والهوية، بينما هي تعطي رابطا وثيقا بين مفهوم الوطنية والمواطنة في الحس الفردي والاجتماعي، بمعنى أن الحب والمشاعر تجاه الوطن يجب أن يرتبطا بمدى فاعلية الفرد والجماعة في وطنهم حين يولد لديهم اتجاه الحاجة إلى التفاعل فيه.
تلك العلاقة التي تربط الفرد بمجتمعه كما يفترض أن تتحدد وفق المفهوم الحديث للمجتمع المدني والدولة، وبما تعطيه من الحقوق للمجتمع، وبما تتطلبه من المسؤوليات والواجبات المفروضة على أفراده، لا سيما السعي إلى تنمية مؤسسات المجتمع المدني وتقدير القدرات الفردية التي تزيد من فاعلية الارتباط، وكذلك تنمية المقدرة الفكرية التي تنظم الاختلافات الثقافية وتواجهها كمشكلة بحاجة إلى الحل.
للمواطنة أبعاد عدة على مستويات متعددة يأتي منها الشعور بالهوية والانتماء الناتج عن التمتع بالحقوق، ما يفرض الالتزامات الأخلاقية والواجبات تجاه الوطن، والإحساس بأهمية الدور في الشأن العام والمسؤولية تجاهه، ثم القبول والرضا، كذلك يحقق احترام الغير من الثقافات الأخرى والاعتراف بحقوقهم في معتقداتهم، كما يساعد في إرساء ثقافة السلام والتسامح والتعددية.
إن استغلال الحس الوطني سيوجِد المواطنة الصالحة، وذلك بالتوجيه الفكري السليم وتبني طبيعة الفرد في حبه لإثبات دوره الاجتماعي، وتحقيق ذاته على المستوى العملي والشخصي، الأمر الذي يندرج تحت جملة من الحاجات الأساسية والثانوية تتمثل في مدى التصاق الحقوق الإنسانية بمفهوم المواطنة.