قبل الموعد المحدد لعرض جدارية "القط العسيري" على مبنى الأمم المتحدة في 23 من نوفمبر الجاري، ظهرت على السطح نقاشات ساخنة تحولت إلى جدل بين عدة أطراف معنية بالعمل الذي يحمل اسم" بيوت أمهاتنا"، وتركز هذا الجدل حول الحقوق الفكرية ومن يحق له التحدث مع "اليونسكو" بشأن توثيق العمل، وكيف يمكن ضمان عدم "استغلال" الجدارية تجاريا من الشركة المنظمة للعمل وهي شركة مسجلة في بريطانيا تحت اسم "إيج أوف أريبيا" بحسب الباحثة الدكتورة هيفاء الحبابي التي تقول إنها تعمل منذ 10 سنوات على جمع ملف توثيق فن "القط العسيري" وقد وصلت إلى مراحل متقدمة مع وزارة الثقافة والإعلام في إنجاز الملف وتوقعت الانتهاء منه بعد عام تقريبا. وهو ما نفاه أحد مسؤولي الشركة وهو الفنان السعودي أحمد ماطر الذي أكد أن الشركة تعمل بتنسيق كامل مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ومؤسسة "فن جميل"، وأن الهدف من الفعالية هو تعريف العالم بهذا الفن العريق، أما التوثيق فهو من اختصاص جهات أخرى، متعهدا بألا يستغل العمل تجاريا وأن اللوحات الفنية ستعاد بعد انتهاء الفعالية لأصحابها. 




استغلال تجاري

ما يحدث في هذا المشروع هو استغلال وسرقة لأحد أهم الفنون الوطنية التراثية، وهذا ليس بجديد على الأجنبي الذي سرق واستغل وتاجر قبل ذلك بتراث الدول العربية، ومصر أكبر مثال على ذلك.

إن مشروع "بيوت أمهاتنا" القائم عليه شركة بريطانية تدعى (ايج اوف اريبيا) في ظاهره سليم وجميل، لكنه مع الأسف خدعة كبيرة قام بها "السيد ستيفن" أحد مؤسسي الشركة، لاستغلال النساء والرجال المتحمسين لتراثهم، بإيهامهم أنه سيساعدهم بهذا المشروع بتوثيق الفن في اليونيسكو، مع العلم أنه من قوانين التوثيق أن تكون الجهة المقدمة وزارة الثقافة والإعلام بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، هذا أولا.

كذلك قامت الشركة بإيهام العاملين في الجدارية بأن عرضها بالأمم المتحدة في نيويورك لدعم ملف التوثيق، مع العلم أن "اليونيسكو" هي المسؤولة عن التوثيق في فرنسا وليس نيويورك، وما قامت به "ايدج اوف ارابيا" من استئجار مكان في مقر الأمم المتحدة بنيويورك لعرض الجدارية، يدل على أن هناك عملا تجاريا، فالذي يعرف مقر المنظمة بنيويورك يعلم أنهم يؤجرون القاعات وأماكن عرض اللوحات، ويأخذون الدخل لصرفه على الخدمات التي تقدمها اليونسكو. وما قامت به الشركة هو إيهام أهالي منطقة عسير والمحبين للتراث، بعملية التسجيل في "اليونسكو" كي يبخسهم حقوقهم، فلم يوقع عقدٌ مع أي منهم، والأهم بالنسبة لي هو ملكية الجدارية تعود لمن بعد عرضها"، وفي هذه الحالة سيكون "ستيفن" هو المتصرف في بيعها. وللعلم فإن أي عمل تراثي يتم تداوله تجاريا، فلن يسجل أبدا في "اليونسكو" لأن من الشروط الأساسية أن يُسجل العمل كما هو في بيئته، ودون تدخل أي جهات ربحية أو تجارية، فما بالك إذا كانت هذه الجهة جهة أجنبية. وبالنسبة لي فأنا أعمل على مشروع توثيق "القط العسيري" منذ 10 سنوات، بالتنسيق مع وزارة الثقافة والإعلام وهي المعنية بالأمر، وأتوقع الانتهاء من الملف بنهاية 2016 وهي ملف رسمي ومكتمل حسب شروط "اليونسكو".

هيفاء الحبابي

باحثة وأكاديمية متخصصة في التراث


 





المهم نشر هذا الفن

من جهتي بذلت جهودا كبيرة على مدى سنين في توثيق ودراسة فن "القط" لإيماني به كثقافة بيئية أصيلة، وخاصة ولا أنكر مع التحفظ دور" تيري موجيه" الفرنسي وكذلك دور الدكتورة هيفاء الحبابي والدكتور علي مرزوق وبعض من أهتم به توصيفا .

ولعدم الدعم فشلت محاولاتي في نشره عالمياً حيث لاحت فرصة لعمل جدارية ثابتة في قلب (فينا) التاريخي ثم جرت محادثات لعمل جدارية ثابتة في ( أشبيلية) أما قضايا الاستثمار والمتاجرة فهذا له شقان:

أولا : هذا الفن كغيره من الفنون له تكلفة عالية ويحتاج داعمين يؤمنون بهذا الفن وأهميته الثقافية الوطنية عموما..

ثانياً: رتبت لعمل الجدارية بدعم مالي ومباشر من مؤسسة "حافة العرب " edge of arab المدعومة من art Jamal وكان الدعم أقل من المستحق، لكن حماسي لنشر هذا الموضوع عالميا وفي مكان هام مثل مقر الأمم المتحدة، أوجب التضحية وليس علاقة باستثمار ولا غيره عدا المنصرف في مكافآت رمزية للفنانات والمواد الخام وتجهيز مكان العمل .وعادة ما يلتهب الحماس للمشاركة عند اكتمال أي عمل ناجح لأن الجداريات مستوحاة من توثيق أعمال عريقة لفنانات معروفات بعضها يتجاوز 150 سنة.

علي مغاوي

باحث والمشرف على تنفيذ الجدارية




افتعال لمشكلة

أعتقد ان هناك افتعال لمشكلة غير واقعية ستؤثر ولاشك على نشر تراثنا العريق في العالم. فنحن في شركة"ايج اوف اريبيا" نؤمن بتكامل الجهود ونعمل وفق رؤية واضحة ، هي أنه من حق كل قادر على تعريف العالم بأصالة وحرفية فنونا الجميلة "التراثية" وخصوصا في أوروبا وأمريكا، فعليه واجب القيام بذلك ،دون محاولة الاحتكار والادعاء .

وبالنسبة لموضوع لوحة "القط العسيري" التي تم الاتفاق مع "اليونسكو" لعرضها على أحد حيطان الأمم المتحدة في نيويورك، فهذا جزء من عمل كبير يحتاجه تراثنا الوطني للتعريف به عالميا ،وهذا حقه وحق جميع من يحب أو يعمل في انتاج هذا التراث. وقد تم التنسيق في هذا الشأن مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وحصلنا على دعم معنوي كامل من الرئيس العام للهيئة الأمير سلطان بن سلمان، حيث كلّف مستشاره الأمير سلطان بن فهد بن ناصر، لافتتاح الفعالية كذلك تم التنسيق الكامل مع مندوبية المملكة في الامم المتحدة والسفير عبدالله المعلمي معنا على تواصل مستمر، وقد ساهم في تذليل جميع الصعوبات . لذلك ليس لأحد الحق في تعطيل أي عمل ثقافي يخدم الوطن.

أما عن موضوع التوثيق في "اليونسكو"، فهذا أمر لم نتطرق له، وله جهات معينة،و الهدف هو نشر هذا الفن الجميل والفريد من نوعه .

وبالنسبة لما يقال عن حقوق العاملات في اللوحتين فقد تم تسليم الجزء الأكبر منها وعند الانتهاء واستلام الاعمال سيتم صرف أي متبقي.

وأحب أن أشير هنا إلى أن هناك فريقين يشرف عليهما الباحث علي مغاوي ،يعملان على إنجاز لوحتين الفريق الاول يعمل في متحف فاطمة فايع الالمعي والآخر يعمل مع الفنانة جميلة ماطر.

اما قضية ما يثار حول المتاجرة باللوحات وما شابهه، من كلام فهذا غير صحيح أبدا ،حيث تم الاتفاق مع مبادرة "فن جميل" التي تدعمها شركة عبداللطيف جميل، لتمويل العمل وسيتم توقيع عقد معهم خلال هذين اليومين، وبشروط فنية صارمة في الحقوق الفكرية والمادية، كما هو معروف عّن هذه المؤسسة الفنية الرائدة . وبعد انتهاء الفعالية سيتم تعليق اللوحات على جدار الامم المتحدة لفترة معينة ثم تعاد لأصحابها ولن يتم بيعها أو التصرف فيها من قبل الشركة.

أحمد ماطر

فنان تشكيلي وأحد منظمي الفعالية


 


القط والتراث غير المادي

يعتبر القط من التراث الثقافي غير المادي، أو ما يُعرف أيضاً باسم التراث الحيّ

ينمي هذا التراث لدى المجتمعات الإحساس بهويتها.

يسهم في إدارة البيئات الطبيعية والاجتماعية ويدرّ الدخل.

ما يُسمى "معارف السكان الأصليين" يُستخدم، في إطار النظم المخصصة للرعاية الصحية والتعليم ولإدارة الموارد الطبيعية.

هناك اتفاقية وقعتها اليونسكو عام 2003 بشأن صون التراث الثقافي غير المادي هدفها الحفاظ على هذا التراث الهش وتأمين استدامته

ترمي الأنشطة التي تنفذها اليونسكو إلى دعم الدول الأعضاء عن طريق تعزيز التعاون الدولي في مجال صون التراث الثقافي.