إن جهود مكافحة الإرهاب التي تستشهد بها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في حربها ضد نظام داعش تجري في خليج عدن والصومال. ففي كلا البلدين تستخدم الولايات المتحدة غارات بطائرات دون طيار، وضربات من القوات الخاصة، وصواريخ "كروز"، ودعم الجيوش والحكومات الموالية لقتال الفروع الإقليمية لتنظيم القاعدة.
قال الرئيس أوباما في خطابه يوم 9 سبتمبر الحالي: إن استراتيجيته ضد تنظيم داعش "عبر تصفية الإرهابيين الذين يهددوننا، بالتوازي مع دعم شركائنا على خطوط القتال"، كانت هي التي طبقت بنجاح في اليمن والصومال لأعوام.
وبغض النظر عن سنوات من القصف وملايين صرفت على حشد القوات، فإنه لا نهاية تلوح في الأفق للمعركة ضد كل من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب باليمن أو الشباب في الصومال، وهذا مؤشر سلبي بالنسبة للحرب ضد داعش في العراق والشام الأقوى في القدرات والتمويل.
إن الفرق الوحيد والواضح بين النموذج الأميركي في اليمن والصومال وبين استراتيجية أوباما لمحاربة داعش يظهر في الاستبعاد الصريح لتواجد وحدات قتالية برية أميركية في العراق وسورية، على الرغم من إرسال أوباما لعدد كبير من مستشاري العمليات الخاصة للعراق. ولكن تنظيمي القاعدة في كل من اليمن والصومال أثبتا قدراتهما على الاستمرار. وبينما خسرت القاعدة في اليمن عددا كبيرا من قياداتها، إلا أنها ظلت مستمرة لما يقارب الخمس سنوات منذ محاولة هجوم عيد "الكريسماس"، و"فعالة في جهودها لمهاجمة التراب الأميركي"، كما قال وزير الأمن الوطني، جي جونسون، وأدلى نائب مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب بشهادة مفادها أن القاعدة في جزيرة العرب قد ظلت الخطر الأكبر والوحيد الذي يهدد الولايات المتحدة داخلياً.
أما في الصومال، فقد تراجعت حظوظ حركة الشباب في السنوات الأخيرة، نتيجة الضربات الأميركية، والدعم المقدم للقوات الأفريقية التي تساند الحكومة الضعيفة في الصومال، إضافة إلى عثراتها بعد موجة الجفاف عام 2011. وفي حين أنّها لا تشكل خطورة على الأراضي الأميركية، إلا أنها بقيت رغم سنوات من القتال العنيف أحيانا قادرة على تصدير الإرهاب إقليميا، وكان هجومها الوحشي على مجمع "وستجيت" التجاري في نيروبي العام الماضي الأكثر خزيا، وذهب ضحيته 67 شخصا على الأقل.
ويشير مسؤولون أميركيون إلى أن جهود الولايات المتحدة في اليمن والصومال تتخذ مسارا سياسيا إلى جانب المسار العسكري، ولاسيما في اليمن التي تحولت إلى نقطة عبور متكررة. وقد زارت مستشارة شؤون مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، ليزا موناكو، وسلفها جون برانن، المدير الحالي لـ"سي آي أيه" اليمن السبت الماضي، حيث صرح البيت الأبيض بأنها عبَّرت عن دعم واشنطن لسعي الرئيس عبدربه منصور هادي "نحو السلام والاستقرار والازدهار".
وقال مسؤول أميركي رفيع، متحدثا إلى الصحفيين قبل خطاب أوباما في 9 سبتمبر الحالي، إنه ليس بالإمكان تحديد وقت انتهاء المعركة ضد داعش، وأكد على استمرار العمل بنموذج اليمن والصومال، قائلا "سيكون هناك تشابه مع طبيعة الحملة ضد الإرهاب التي خضناها ضد فروع مختلفة للقاعدة، لذا، على سبيل المثال، في اليمن والصومال، فقد تمكنا من احتواء الخطر على الأراضي الأميركية، وإضعاف المنظمات المرتبطة بالإرهاب، وفي حالات أخرى تصفية قياداتها، وإن كنا لا نزال منخرطين في الأمر، وأعتقد أن هناك إيقاعا معينا قد اعتاده الناس في اليمن والصومال، حيث نوفِّر الدعم لقوات الأمن على الأرض، بينما نشن غارات جوية كلما دعت الضرورة".