"بنت المديرة وبنت المستخدمة وبنات البطة السوداء"

تلجأ المعلمات والمديرات إلى نقل بناتهن إلى المدارس التي يعملن بها وذلك لمنح بناتهن ميزة (بنت المديرة) أو (بنت الأبلة) بين زميلاتهن، وتلجأ كل طالبة منهن إلى القيام بدور والدتها بشكل عفوي أو بإيعاز من الوالدة نفسها أو بتمرير مواقف كل منهما من الأخرى إلى ابنتيها بشكل غير مقصود فتجد بنت المديرة في الغالب تجوب أرجاء المدرسة تجر ذيل الطاووس وتفاخر بتميزها، بل وتلجأ بعض المديرات بجهل منهن إلى تعزيز تصرفات بناتهن العبثية، وقلة جدا من المديرات الواعيات من تعامل ابنتها كما تعامل أقل طالبة في مدرستها دون اختلاف، بل وتزداد بنت المديرة شراسة وتسلطا مع (بنت المعلمة) آنفة الذكر وشيئا فشيئا يختفي الاسم ويبقى لقب بنت المديرة بكل ما يحمله من تمييز بغيض، لذلك أجابتني عندما سألتها عن اسمها بقولها: أنا بنت المديرة.

وكم آلمني أن تجيب إحدى الطالبات الواقفات بجانبها على نفس السؤال: أنا لست بنت مديرة، أنا بنت البطة السوداء وارتسمت على وجهها ابتسامة حزينة لتخبرني أن الأمر مجرد دعابة.

ويزداد الأمر سوءا لو كانت في المدرسة (بنت المستخدمة) حيث يكون التمييز المقيت على أشده فبنت المستخدمة تعرف بنفسها على استحياء وتتعرض لألوان من المهانة والتوبيخ دون أدنى اعتبار لوالدتها (المسكينة)، بينما تحظى بنت المديرة بالتدليل واللطف المبالغ فيه من قبل المعلمات والطالبات رغم بغضهن لها ولحركاتها الاستعراضية خوفا من استبداد أمها وتسلطها. ولعله من المثير للشفقة بالفعل أن ندخل أبناءنا في صراعاتنا ونجعلهم يتحملون تبعات سلوكياتنا ويتبنون مواقفنا التي قد لا يعون أبعادها ولا يدركونها جيدا، فليت الأنظمة تنص على عدم وجود بنت المعلمة أو المديرة معها في نفس المدرسة رأفة بهؤلاء الصغيرات، كما نصت على عدم وضع المعلمة لأسئلة الفصل الذي تدرس فيه ابنتها خوفا من تحكم العاطفة والإنسانية، حتى لا تميل بها إلى ناحية مصلحة ابنتها وتبخس الأخريات حقوقهن.