عبدالرحمن آل دبيش


هل بلغتم عن ابنكم عندما تحولت سلوكياته؟ هل تابعتموه وعرفتم أصحابه؟ هل التربية لديكم من الأساس معتدلة؛ أم أنها ذات نمط يدعو إلى التشدد ويكرّه في الحياة؟ هل وعظتموه؟ هل أيقظتموه؟ هل تكاتفتم لمناصحته؟ ما دوركم حيال هذه المأساة التي خرجت من مأواكم؟ هل تريدون للمجتمع أن ينظر إليكم بعين الرضا، وهو يرى دموع الثكلى وترمل النساء وتيتم الأطفال نتيجة ما أقدم عليه ابنكم الإرهابي، الذي كان يسرح ويمرح تحت أعينكم دون أن يتشكل لديكم حس أمني حيال ما يمكن أن يقدم عليه من جريمة؟

أنتم بشكل أو بآخر مسؤولون عن ذلك ما لم تبرئوا أنفسكم، فقد طفح الكيل وتعمقت الجراح وتضخمت المأساة، ما هكذا والله تكون الأسر الوطنية التي تحرص على حفظ حقوق شركائها في الدين والوطن والإنسانية، ما لم تخرج مخرجا واضحا يعفيها مما جره ابنها إليها.

كم هو موجع ومؤلم أن تبيت عشرات الأسر، بين نائحة وثكلى، وطفل فقد أباه، وشيخ مكلوم يتجرع الغصص لفقدان فلذة من كبده؛ اختطفتها يد الإرهاب ليقضي ما بقى من عمره متوشحا هول المأساة، ومتجرعا غصص المرارة.

فقد دعت الضرورة إلى النظر في تفعيل التحقيق الواسع والدقيق مع أسرة كل إرهابي (لم تبلغ عنه أو تبذل الجهد في إصلاحه). فمع التحقيق مع المشتبه في ضلوعه في هذا الأمر يتم التحقيق والتحقق أيضا من دور الأسرة حيال إصلاح ابنها وتوجيهه، وهل هي قامت بما يجب عليها تجاه إصلاحه؟

إفهام المجتمع ممثلا في الأسرة أن الإرهابي لا بد أن تخضع أسرته للمساءلة يصنع حسا أمنيا جديدا لدى الأسرة، يتعمق من خلال إدراكها أن هناك تحقيقا ومساءلة عن دورها في تنشئة ابنها وتربيته ومتابعته والتبليغ عنه.

إن لم نتعاضد جميعنا في وجه هذا الجنون تعمق بأنيابه السامة في جسد أمننا وسلامنا، ودفع بنا إلى مخاطر جديدة أشد وأعتى، ماذا بقي وقد قُـتل الراكعون الساجدون، واستبيحت قداسة المسجد وحرمة المسلم، وأصبح المجتمع كله هدفا لهذا الجنون الأعمى؟

نعم نبدأ بالأسرة ثم ننتقل إلى ما وراءها حتى نستجلي مكامن الداء ونحدد البؤر التي انبثق منها، وهذا ما تقوم به الجهات الأمنية مشكورة، ويتعين على المواطن معاضدتها والعمل معها واستشعار حجم المسؤولية الأمنية المشتركة.

نعم، بعض أبناء مجتمعنا هم من عقنا وقتلنا واستباح حرمتنا.. آن لنا أن نبتكر أدوات جديدة لهذا الداء العضال الذي يهدف إلى الفتك بأمننا واستقرار وطنا، وأن نوحد الجهود - مسؤولين ومواطنين- أمام هذه المحنة العمياء التي لا تفرق بين أحد ولا تريد إعفاء أحد.