وقفت أربعة أسباب وراء استقالة 92 عضوا في هيئة التحقيق والادعاء العام بجميع المناطق خلال عام1436، ولخصتها مصادر عدلية تحدثت إلى "الوطن" في: عدم وجود حوافز مادية تقدم من الهيئة إلى المحققين، وضعف سلم الرواتب مقارنة بحجم الأعمال التي يؤديها منسوبو الهيئة، وعدم وجود المعاونين، ما يجعل العمل مكثف على المحقق، علاوة على أن العاملين في هذا المجال لا يملكون وقتا لأنفسهم وأسرهم، إذ لا بد أن يكون المدعي العام جاهزا للطلب والحضور في كل الأوقات.
وخلال البيانات الإحصائية التي حصلت عليها "الوطن" من وزارة الخدمة المدنية، فإن عدد موظفي الهيئة 4839 عضوا في جميع مناطق المملكة، بينما بلغ عدد من ترك الخدمة دون تقديم أسباب 47 عضو، ومن تقدموا باستقالتهم من الهيئة 20 عضوا، وبلغ عدد من تركوا الخدمة لأسباب 25 عضوا، ليكون الإجمالي خلال عام 1436نحو 92 عضوا.
رواتب متدنية
من جهته كشف عضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقا والمحامي عاصم الملا لـ "الوطن"، أن عدد أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام الذين تركوا الوظيفة خلال ثلاث سنوات مضت في مكة المكرمة 25 عضوا، وفي جدة 35 عضوا خلال خمس سنوات مضت، كان من بينهم من اعتمد على نفسه في فتح مكاتب محاماة، وآخرون التحقوا بوظائف أخرى حكومية.
وأضاف أن العدد الحالي غير كاف ولا يغطي حجم العمل المنوط به أعضاء الهيئة، عازيا ارتفاع عدد الأعضاء الذين يتركون العمل في الهيئة إلى تدني الرواتب، وقال "سلم الراتب الخاص بالكادر الوظيفي في الهيئة لا يناسب حجم العمل الذي يؤديه منسوبو التحقيق والادعاء العام، إذ نجد أن عملهم مرتبط بالسلك القضائي، مع أن الحوافز لدى القضاة والملازمين القضائيين وأعوان القضاة أفضل من منسوبي الهيئة".
غياب الحوافز
وأشار الملا إلى أن عمل أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام شاق أكثر من العاملين في السلك القضائي، إذ يقوم المحقق بأعمال التحقيق وجمع الأدلة وتحرير لوائح الاتهام، وهذه الأعمال تتطلب وقتا وجهدا، في ظل مقابل مالي ضعيف، وسلم الرواتب لأعضاء هيئة التحقيق لا يتناسب مع حجم العمل الذي يقومون به، ولا توجد حوافز لهم، لذلك لا بد أن تكون الهيئة تحت مظلة وزارة العدل، ما يحسن سلم الرواتب لهم كالعاملين في السلك القضائي.
وأوضح أن هناك رقابة مشددة على أعضاء هيئة التحقيق والادعاء من ناحية الحضور، فيحسب له التأخير بالخصم الفوري من الراتب الشهري، وفي حال قام العضو بتأخير لإكمال عمله بعد انتهاء العمل لا يحسب له ذلك، ما أصاب كثيرا من العاملين في هذا المجال بالإحباط والبحث عن فرص وظيفية أخرى برواتب وحوافز أفضل من الهيئة،إذ نجد أن هناك كثيرا ترك الهيئة واتجه إلى المحاماة بفتح مكاتب خاصة بهم، لما لها من ميزة، والحصول على مصدر مالي أفضل.
عدم وجود المعاونين
وكشف أن من أسباب استقالة الأعضاء أو ترك الخدمة، هو عدم وجود المعاونين في هيئة التحقيق والادعاء العام، إذ نجد هناك في السلك القضائي ما يعرف بالملزمين القضائيين أو كتاب الضبط، وهم من يقومون بمساعدة القضاة في تسجيل القضايا، بينما نجد الهيئة تفتقر إلى ذلك فيكلف عضو هيئة التحقيق من المحققين بالقيام بكل الأعمال، بدءا بالتحقيق وجمع الأدلة وتسجيل القضايا في الحاسب الآلي، ما يجعل حجم العمل مكثفا عليهم.
وأشار إلى أن عدد أعضاء هيئة التحقيق والادعاء غير كاف، في ظل وجود عدد كبير من الدوائر التابعة للهيئة، ما يجعل حجم العمل على الموجودين من الأعضاء الحاليين مكثفا، لافتا إلى أن من أهم الدوائر التي تضمها الهيئة دائرة التعاون الدولي، وتتعلق بالقضايا التي بين السعودية والدول الأخرى، كذلك دائرة التحقيق في الجرائم الاقتصادية، ودائرة الجريمة العامة، ودائرة التحقيق في جرائم الأموال، والعرض والأخلاق، ودائرة النفس، ودائرة المؤثرات العقلية والمخدرات، ما يدل على أننا في حاجة إلى أكثر من 8 آلاف عضو للعمل لدى هيئة التحقيق والادعاء لإنجاز كل الأعمال الموكلة إليهم.