في مختلف بلدان العالم وعلى امتداد الأرض، تحصل الكوارث الطبيعية التي لا دخل للإنسان فيها، وتسير الأمور بشكل طبيعي، إلا إذا كان هناك تدخل بشري بشكل مباشر يكون سببا في إحدى هذه الكوارث. في بلدنا الأكثر سعيا في خدمة الإنسان وراحته، يأتي الإنسان نفسه ليتخذ موضع رقيب الظل المنزه من العيب، والكامل الذي لا يقع في خطأ. يبدأ يرصد أية حركة، ويحولها إلى قضية تؤجج الشارع وتخلق البلبلة ضد لا شيء. نبدأ من آخر الأحداث، وهو سقوط رافعة مشروع الحرم المكي.. بعد دقائق من إعلان الحدث، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي، تطالب بعقاب المتسبب، فهل يعقل أن يكون هناك يد تبني هذه المشروعات الضخمة، وتتبنى هذا العمل الجبار، تكون سببا في كارثة حصلت بقدر من الله؟

قبلها "فأر" ظهر في أحد المستشفيات يقع في سفح جبل، وبجانب مزارع، فمن الطبيعي أن يمر فأر، ثعبان، أي شيء من الزواحف والقوارض.. وأقول "فأر" وليست فئرانا.. ولم يسبب أية كارثة لكنه فأر! كان داخلا من أحد الأبواب، وتمت السيطرة عليه وإخراجه، وهذا لا يستدعي أن يتناقل المقطع ويعمل "وسم" في "تويتر" بهذا الشأن!

وقبله الكثير والكثير من الأمور الطبيعية، كتلك التي تحدث في أي مجتمع وتمر طبيعيا. إلا هنا، فإن المواطن الذي وظف نفسه راصدا لكل شاردة وواردة، ليحولها إلى قضايا شارع تأخذ حيزا من اهتمام الناس، حتى أصبحوا لا يؤمنون بأي نجاح لتلك الجهة التي تعمد المتعمدون تشويهها. ومهما كانت المشروعات المطروحة ضخمة، والعمل يسير دقيقا، ثم يأتي هذا المتصيد، فسيتركها ويظهر الجانب الذي يراه سيئا، ثم تطلق الأحكام بالفشل قبل ظهور العمل!

وهذا أمر سيئ جدا على الفرد والمجتمع، وبالتالي على الأجيال القادمة. عندما نورث مفهوم الفساد ونتداول كل ما يرصد ويقال، فإن المجتمع سيتحول إلى بؤرة لقضايا الصراع والنزاعات التي تفضي إلى احتقان الفرد ورفضه عجلة التمنية مهما كانت ناجحة، وتتناقل هذه الفكرة للأجيال القادمة.

لذا، أطالب بوضع حدود للتصوير، وألا يترك على إطلاقه في كل منشأة أو مشروع، وعقاب كل من يتداول المقاطع والصور غير المستندة إلى أدلة جلية. إذ عندما نكون كلنا رقباء فمن يبقى للعمل في الميدان؟