لم تكد تنتهي فصول مأساة طريف، التي راحت ضحيتها أم و4 من أطفالها، وانتشال رب الأسرة وطفلين آخرين أحياء (أحدهما ابن رب الأسرة والآخر ابن أخته) بعد سقوط مركبتهم في شعيب طريف جراء الأمطار التي سقطت الاثنين الماضي، حتى أعلن الدفاع المدني انتهاء رحلة بحث شاقة شغلت الرأي العام بالمحافظة وخارجها على مدار 104 ساعات، شاركت فيها 6 جهات حكومية و5 مؤسسات أهلية، وأكثر من 100 متطوع ونحو 60 معدة ثقيلة، و15 كلبا بوليسيا مدربا.
فاجعة اليوم الأول
منذ تلقى البلاغ في الساعة 11:25 مساء الاثنين الماضي، بدأ رصد المعلومات الأولية عن الحادثة وعدد أفراد الأسرة والموقع، إذ بدأت مهمة الدفاع المدني بطريف صعبة ومتداخلة في ظل أجواء ماطرة، ورغم ذلك تمكنت فرق الدفاع المدني بعد وصولها إلى الموقع من إنقاذ رب الأسرة وطفلين، وذلك بعد الاستعانة بطائرة عمودية، لتنقلهم إلى مستشفى طريف العام، الأمر الذي أدخل أحد رجال الدفاع المدني المستشفى حيث جرى تنويمه بعد دخول مياه طينية إلى صدره، فيما واصلت فرق الدفاع المدني مهمة البحث عن طفلين آخرين مفقودين سقطا من السيارة داخل الوادي.
أزمة معلومات
تسبب غياب المعلومات الدقيقة نظرا لفقدان رب الأسرة الوعي بعد إنقاذه وإسعافه للمستشفى، وإدخاله العناية المركزة، كما يقول متحدث الدفاع المدني بمنطقة الحدود الشمالية المقدم فهد الأسمر لـ"الوطن" في اتساع عملية البحث وصعوبة تحديد جهات بحث محددة في موقع مخصص، إذا تقدر مساحة الوادي بنحو 10 كيلومترات بعرض كيلومترين، وهو ما زاد من عدد المشاركين في البحث عن الطفلتين المفقودتين من عدة جهات حكومية وأهلية مختلفة.
جثث مطمورة
في اليوم الثالث لعملية البحث، وصلت أكثر من 40 معدة ثقيلة إلى الموقع، إضافة إلى وسائل بحث جديدة (k9) بما يعرف بالكلاب البوليسية المدربة في الكشف عن ضحايا الانهيارات والزلازل، إلا أن طمر الجثث بالطين قلل من إنتاجية عملها، مما أدخل رجال الدفاع المدني والجهات المشاركة في تحد آخر، خاصة مع التخوفات المتجددة التي تصلهم من خبراء الطقس عن تجدد الأمطار خلال الأيام القادمة، ما قد يعيدهم إلى المربع الأول في عمليات البحث ويصعب مهمتهم، وذلك بعد أن قل منسوب الوادي خلال تلك الفترة من البحث.
إفاقة رب الأسرة
في خضم العمل اليومي المتواصل من جهات مختلفة في موقع الحادثة، وصلت معلومات جديدة لرجال الدفاع المدني كانت بمثابة نقطة عمل لمرحلة جديدة في البحث، غيرت من مسار تركيز حركة البحث، وذلك بعد أن أفاق رب الأسرة من غيبوبته، ليدلي بمعلومات هامة عن موقع سيارته، ومكان ما قبل سقوطها بالوادي، ليبدأ معها رجال الدفاع المدني رسم خطة عمل جديدة تناسب الموقع، بعد أن قذفت سيول الوادي المركبة لجهة بحث مخالفة.
منع الحيوانات المفترسة
منذ اليوم الأول قسمت الجهات المشاركة مهامها، إذ بدأت جميع الجهات المشاركة عملها منذ شروق الشمس وحتى الغروب، وذلك بالتناوب بين الأفراد كل فيما يخص إدارته، أما في أوقات الليل فكانت الحراسات قائمة ومستمرة على أطراف الشعيب لمنع دخول الحيوانات المفترسة إلى الموقع من خلال حمل أسلحة، تسهم في منع وصولها للموقع وقتلها إن دعت الحاجة.
تكثيف جهود
بدأ رجال الدفاع المدني بالسماح للجهات الأهلية والتطوعية بالمشاركة معه، حيث شهد يوم الخميس الماضي مشاركة مجتمعية كبيرة من أهالي طريف أفرادا ومؤسسات في عملية البحث المستمرة داخل وخارج الوادي، فيما ساهمت شركة الاتصالات في تحويل الأبراج لموقع شعيب طريف، لتقوية البث، بعد أن وضع مدني طريف مركزا إعلاميا في الموقع للتواصل مع جهات حكومية وإعلامية.
العثور الأول
في يوم الجمعة الماضي، وجد أحد المواطنين خلال بحثه على أطراف شعيب طريف الخيط الأول للوصول للمفقودين من خلال "لفة"، يرجح أنها لإحدى المفقودتين، خاصة أن إحداهما لا يتجاوز عمرها الشهر، ليتم الوصول إلى جثتها مطمورة تحت الرمال، الأمر الذي قدم دعما معنويا كبيرا لفرق البحث عن المفقودة الثانية، ورفع الحالة المعنوية للجهات المشاركة بعد 4 أيام من الإحباط واليأس.
انتهاء المهمة
في اليوم الأخير أول من أمس، بدأت الجهات المشاركة تدخل في عملية مسح للوادي من الداخل، بعد أن أنهت عملها على أطراف الشعيب، وذلك بعد أن خف منسوب المياه كثيرا، من خلال دخول الباحثين جماعات متشابكة الأيادي في مساحة محددة منذ الصباح الباكر إلى داخل الوادي، وفيما بدأت الشمس تقترب من الرحيل ليوم آخر جديد من البحث، حتى جاءت الأخبار الساعة السابعة مساء من مجموعة بحث تكونت من بلدية طريف ورجال الدفاع المدني في موقع داخل منتصف الوادي، بالعثور على جثة المفقودة الثانية، بعد 104 ساعات بحث متواصلة وشاقة.
تفاعل تويتر
كان حساب المديرية العامة للدفاع المدني في "تويتر" راصدا دقيقا للأحداث ومرجعا للإعلاميين في تتبع القضية، وذلك من خلال سرعة نشر آخر المعلومات المزودة بالصور، وهو ما أشار إليه متحدث الدفاع المدني بالشمالية فهد الأسمر لـ"الوطن" من أن إرسال التقارير يتم من خلال إدارة العلاقات العامة في الدفاع المدني من خلال مراسلتهم عبر وسائل التواصل الحديثة بدلا من البيانات التي قد تؤخر وصول المعلومة للباحث عنها.