سواء أكان الميت في برج التجارة العالمي أم في ساحات الحرم المكي الشريف فإن الراحل يحمل نفسا بشرية كرمها الله تعالي بأن نفخ فيها من روحه وجعلها خليفة في أرضه.
المصاب الجلل وقع كالصاعقة علينا جميعا، رحم الله الشهداء وأسكنهم فسيح جناته ورزق ذويهم الصبر والسلوان، ولا شك أن اهتمام وحرص القيادة السعودية بأهم مشروع تسهر له الأعين وتخدمه الأبدان وتفديه الأرواح كانا جليين في تواجد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في موقع الحادثة شخصيا لمتابعة الأمر رأي العين، وقبل ذلك المتابعة السريعة والمباشرة من ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، وتواجد مستشار خادم الحرمين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل في الموقع بعد سويعات من الحادثة.
لجنة التحقيق العاجلة أمامها ملف تنتظره الحكومة السعودية الحريصة دائما على الشفافية العالية في شؤونها الخاصة فما بالك بشأن يهم المسلمين عامة، ورغم ثقتنا في حرص شركة بن لادن المشرفة على الإنشاءات بوجه عام على إجراءات السلامة والتأمين، إلا أن ذلك لا يمنع من أن يكون هناك تحقيق دقيق لمعرفة الأسباب والحقائق ومحاسبة المقصرين، إن كان هناك مقصرون، أو كشف الأخطاء إن وجدت.
ولعل ما حدث بالأمس يفتح ملفا مهما جدا لكل المشاريع المنفذة في السعودية في جانب إجراءات الأمن والسلامة والتشديد عليها، وبعيدا عن حادثة الأمس، لا نعرف كيف تسير مثل هذه الأمور في المشاريع العامة، ولعل الكثيرين يعتقدون أن هناك تخففا في هذا الجانب، أو أن الإجراءات والمعايير العالمية بحذافيرها كاملة لا تطبق كما يجب، بدليل أن البعض يورد قصصا عن مشاريع شركة أرامكو في هذا الجانب وكأنها أساطير، وهو ما يعني أن ما تفعله أرامكو لا يطبق في بقية المشاريع، وإلا لماذا يتداول الناس قصصا عن أرامكو لا يتداولونها في المشاريع الحكومية الأخرى.
أعود وأؤكد وأشدد على الزيارة لخادم الحرمين الشريفين لموقع الحدث ليمنح لجميع الوزراء والعاملين في أجهزة الحكومة مثالا يجب أن يحتذى بالنزول إلى أرض الميدان ليشعر الجميع بـ"الحزم"، ويعرف الكل أن هناك عينا ساهرة لخدمة كل مواطن ومقيم وزائر على أرض هذا الوطن، وأن خدمة الحرمين مقدمة على أي شيء آخر، وأن الاهتمام بكل جزئياتها تحت عين الملك سلمان بن عبدالعزيز... كيف لا وهو خادم الحرمين.. جعلنا الله كلنا ممن يخدمونهما بالغالي والنفيس.