عندما تشاهد نشرات الأخبار، تشعر أن رئتيك لم تعد تستطيع استيعاب كل هذا الاختناق من المأزق العربي والإسلامي. تحاول أن تأخذ أنفاسا متقطعة كي تجزّئ الواقع المزدحم وتنظر إليه بشكل مفصل، كي تفهمه بشكل عام، ومن هنا جاء المقال مجزأ كي نستطيع الفهم.
1- إن الدور الأكبر الذي علينا صياغته الآن هو إعادة صناعة صورة الإسلام والمسلمين، العالم يحتاج بصدق إلى دور إعلامي حقيقي تقوده المملكة، تحديدا كونها قبلة المسلمين، ومصدر ثقتهم من خلال مشروع تنويري إعلامي واضح يخاطب المسلمين فقط، خطابا يشرح كم هو الإسلام متسامح ومحب، وغير منتقم، وسيرة سيدنا ونبينا محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ مليئة بالقصص الحقيقية التي تعكس ذلك. يجب أن نشرح أن الإسلام أصبح مختطفا كممارسات، بينما نصوصه المقدسة حية وحيوية في الممارسات المعاصرة: سياسية، واقتصادية واجتماعية. يجب أن نتحرك إعلاميا إلى العالم كله فبلادنا لم تعد أبدا رقما صغيرا، بل باتت قطبا مؤثرا في سياسات واقتصاديات العالم.
2- نحن كبشر، بسبب فطرتنا الإنسانية، فإننا لن نشعر بالحزن على ما قد يحدث من الآلام بعد (300 عام) مثلا، ولكن ربما نشعر بقليل من الحزن إذا جعلنا الرقم (100 عام)، لأننا حينها سنفكر في أحفادنا. ولكن، هل مستويات الوجع والقلق سوف تنخفض عندما يرتبط المستقبل مع "الديموقراطية" مع اختلاف معناها بالنسبة إليّ، قياسا بالمفهوم الكلاسيكي لها والذي يراه البعض كفرا، والآخر ترجمة إنجليزية للشورى، أم أن القلق سوف ينخفض عندما يرتبط ذلك مع "الإعلام"؟
3- الاتهامات التي توجه إلى العرب المسلمين بأنهم الوقود للإرهاب الدموي، لم تعترف أن معظم إرهابيي (داعش) جنسياتهم تنتمي إلى كل عواصم أوروبا، بل من أصول أوروبية أصلية، ما يجعلنا نسأل: إلى أي درجة يمكن للديموقراطية أيضا كمفهوم مطلق أن يمنح مناخا ملائما لصناعة وحش يقوم بالتهام الرحم الذي أنجبه؟
4 - هناك دواعش يقومون بقص الرقاب ويرتدون ملابس التنظيم التقليدية، وهناك أيضا دواعش يرتدون البدلات والكرافتة، يعيشون في العواصم الأوروبية، ويؤسسون بهدوء لخلايا فاعلة ضمن آليات المنطق الديموقراطي المتاح في الأحزاب السياسية؛ لنستيقظ فيما بعد ونرى رئيس دولة من خلايا (داعش). لا يبدو هذا التوقع خياليا؛ لأنه "رياضي" لأن أشكال الديموقراطية الأوروبية تنمو في تربة سياسية وقانونية ملائمة لمشاركة الجميع. وهنا تكمن المفارقة في هذا السؤال المربك: هل ستصبح الديموقراطية وحشا يأكل ممارسيها، كما كان الغرب يرانا وحوشا؛ لأننا وفق معاييره غير ديموقراطيين؟
5- هناك يكون "الإعلام" حلا جراحيا، فهو بطبيعته مثل قالب طيني، يشكّلنا كما يقتضي هذا القالب، لنكون متشابهين، أو مختلفين، لا بد أن يكون هناك عنوان حقيقي للإسلام الإيجابي نجمعه في كل ما هو ممكن ومتاح، ابتداء من لعبة أطفال وحتى نشرات الأخبار، مرورا بالسينما، وكل أشكال القوالب الطينية التي يمكن أن تشكل الإعلام الآن، في القراءات الفكرية الجديدة التي يضمنها الإسلام بكونه نظاما صالحا لكل زمان ومكان، مما يعني أنه قادر خلال 100 عام أن ينتج أجيالا إيجابية من المسلمين لا تقتل، ولا تقصي، ولا تطرد، ولا تعزل، لمجرد الاختلاف مع الآخر.