فقط لتعلم مستوى السذاجة التي وصلنا إليها في العالم العربي، فقد شاهدت صورة مركبة بالفوتوشوب لطاغية العراق صدام حسين وهو يحمل الطفل السوري إيلان الذي غرق على شواطئ تركيا قبل أيام بين أحضانه، كتب تحت الصورة (فقط لو كنت حيا.. آسف بني)! وكأن من قام بتركيب هذه الصورة لا يعي الآلام والخذلان الذي تسبب بها ذلك الديكتاتور العربي، والذي بفعل غروره وعنجهيته وغبائه السياسي أخذ بالعالم العربي إلى غياهب التشتت، بعد أن كان العرب قاب قوسين أو أدنى من تصالح حقيقي.

مصيبة عالمنا العربي اليوم ليست فقط في أننا ابتلينا ببعض الزعماء الظلمة من أمثال صدام وإخوانه، بل في أن الذاكرة العربية وصلها الوهن والمرض بحيث أصبح المرء ينسى بلمح البصر البصطار الذي داسه والكورباج الذي سلخ جلده، بل أصبح من شدة إدمانه السادية يعبد ويترحم على الطغاة ويدعو الله أن يرزقه بزعيم ينقذ في الحلم طفلا غريقا بينما يدفعه نحو الهاوية في الحقيقة.

نسي ذلك العربي حلبجة وتجاهل شهداء الكويت، وفضّل أن يخلق واقعا لا يمت إلى الحقيقة بشيء، ويا للغرابة أن يتأمل أحدهم عودة صدام والتعاسة التي يعيشها العربي اليوم، هو من فعل الوجه الآخر للبعث بل العبث العربي بقائده ديكتاتور دمشق عميل الملالي الذي منذ أن أتى لم ير العرب أية بشرى.

تعليم التاريخ الحديث في عالمنا العربي يجب أن ينظر له بشكل جدي، فتعليم التاريخ "الغارق" في التاريخ لن يحمي أبناء هذا الجيل من أكاذيب الإعلام الموجه، ووسائل التواصل الرومانسية التي لديها القدرة على تحويل الجحيم إلى جنة في نظر أرواح لم تتلق التربية الاجتماعية والأسرية الصحيحة نتيجة تنوع مصادر التأثير وفقدان الأسرة لمكانتها التأثيرية السابقة، وعلى قدر ما هناك خطر اليوم من الأفكار الدينية المتطرفة، فإن نزوع البعض لرومانسية "تشي غيفارا" عبر تمجيد طغاة العرب يهدد ببزوغ تطرف جديد من النوع الذي يستطيع إن ترك له المجال أن يعيد كتابة التاريخ بشكل يصبح "صدام" وربما "بشار" هما الأبطال ونصبح نحن الأعداء المعتدين، فانتبهوا.