أرجع عدد من المتابعين للحركة الأدبية في المملكة تحول بعض الشعراء إلى السرد وخصوصا الرواية، إلى أسباب عدة من أهمها الشهرة التي يحظى بها الروائي في العصر الحاضر، والاهتمام الشعبي والرسمي بالعمل الروائي وتخصيص جوائز عدة للرواية عربيا ومحليا، إضافة إلى ضعف الحضور الجماهيري للأنشطة المنبرية التي تعد أهم وسيلة لتحفيز الشاعر، فيما ذهب آخرون إلى أنه لا ضير في ذلك، بالنظر إلى أن "الجنس الشعري دائما ما يستجيب للتحولات الثقافية والاجتماعية"، على حد قولهم.




اتساق مع تقاليد عالمية

الأمر لا يتعلق بأسباب وكأننا أمام ظاهرة شاذة لا يمكن لها أن تحدث مع الشعراء. كل التقاليد الشعرية في تراث العالم أجمع لم تستقر على شكل معين، الجنس الشعري دائما ما يستجيب للتحولات الثقافية والاجتماعية أكثر من غيره من بقية الأجناس. لأن طبيعة الشعرية مرنة لا ترتبط بتقاليد لغوية فقط، وإنما أيضا بطبيعة الحياة وعلاقة الإنسان بها. لذلك ضمن هذا السياق لا أرى انزياح الشعراء جهة السرد ظاهرة استثنائية، بل هي من طبيعة الشعر الذي يبحث له عن منافذ وأشكال جديدة تواكب تطور الحياة نفسها، وهذه هي حركة الشعر وتاريخه في كل العصور. ونحن لسنا استثناء.

محمد الحرز

ناقد


 





انحسار الفن الملقى أمام المكتوب

لم يعد الشعر مجديا في العقدين الأخيرين تقريبا، فبعد أن تحولت الرواية إلى ديوان جديد أصبحت كتابتها أكثر إغراء للأدباء، وعلى رأسهم الشعراء، وجمالية الشعر في منبريته، غير أن الأنشطة المنبرية للأسف أصبحت شحيحة من جانب وحماس الحضور لم يعد كالسابق من جانب آخر، وهذا ما جعل الفن الملقى ينحسر أمام المكتوب، كثيرون يفضلون قراءة السرد على الشعر الذي تتطلب قراءته دراية ولو بسيطة بالأوزان والتفعيلات ليتحقق شرط متعة التلقي. لا نستطيع أن نصف نزوح الشعراء إلى السرد بأنه بحث عن الضوء فقط، فالبعض منهم اتجه فعلا للسرد كي يظل تحت الأضواء، أما البعض الآخر فقد وجد في السرد ضالته، وجد مساحة متسعة جدا كي يقول من خلاله ما يريد، مساحة السرد- الرواية تحديدا- شاسعة وحاضنة لكل فكر أو قضايا يريد الفنان أن يخوض بها ويفككها أمام المتلقي.

سعيد الأحمد

قاص


 


سلبيات أفرزت ضعفا

الإبداع باقات آسرة الجمال والمبدع هو ذلك الروض الخصيب الذي يجمع في مروج روحه هذه الباقات، تجد الشعر في ربوة وتجد القصة في سفح وتجد الرواية هنا والفن هنا والمسرح هناك، وتنمو كل باقة في رحاب روحة حسبما يصلها من جداول القلب.

فمعظم الشعراء قاصين أو روائيين أو تشكيليين أو مسرحيين والعكس فالمبدع في الغالب شامل حتى وإن اشتهر بفن واحد، وعندما نلاحظ أحد الشعراء مثلا ترك ما اشتهر به ومال إلى الرواية أو المسرح فهذا لا يعني أنه تخلى عن فنه الأساس فهو جزء من حياته بل ومن تكوينه ولكنه رأى التركيز على الفن الذي عرف به المبدع والاشتغال عليه والإخلاص له أفضل من التشعب الذي لا شك سيؤدي في معظم الأحيان إلى الضعف، ومن أسباب هذه الظاهرة كما اعتقد أولا: الشهرة فحين برزت الرواية وتسيدت الساحة مال إليها بعض الشعراء والأمثلة كثر، ثانيا: حب التجريب في بقية الفنون الإبداعية، ثالثا: التقليد ومحاكاة الرموز الذين سلكوا هذا النهج، وعلى كل الأحوال فإن كان لهذه الظاهرة سلبيات أنجبت ضعفا ملموسا فإن لها جانبا مضيئا، حيث برزت بعض الأعمال الإبداعية الملفتة لشعراء في مجال الرواية والعكس ولكنها قليلة.

حسن الزهراني

شاعر