ما بين الشد والجذب والموافقة والمعارضة ولمدة أربع سنوات حاول أعضاء اللجنة التعليمية بمجلس الشورى إقناع بقية اللجان والأعضاء بأهمية التأييد والموافقة على مقترح تقدم به أحد أعضائه بأهمية إصدار رخصة للعاملين في مهنة التعليم، والمقصود (المعلم) وليس الإداري، وبعد أن تمت الموافقة عليه تم استبعاد تطبيقه وتحويله كواقع يعيشه التعليم، وذلك لخلو أنظمة التعليم من أي استراتيجية إدارية تضمن القيام بمتابعته على الوجه المطلوب، والكل يتفق على ضرورة إيجاد حلول فاعلة ومؤثرة في نظام التعليم إذا أردنا اللحاق بالدول المتقدمة كاليابان وأستراليا وسنغافورة على سبيل المثال.
الإشكال في هذا المقترح هو تركيزه على صيغة السؤال لماذا؟ واستطاع الإجابة عنه من خلال المبررات والمسوغات، ولعل أهمها هو عدم تواؤم وتلاؤم المخرجات مع المدخلات، حيث رأى المصوتون على هذا المقترح أن المشكلة تقع في المنتصف، وتحديدا في مرحلة العمليات، وهي الكيفية التي يدار بها التعليم في المدارس، فحيث إن المعلم هو المسؤول الأول والمباشر والأهم في تنفيذ كل التطلعات والأهداف التعليمية والتربوية كان من الضروري التأكد من استعداده المهني والتربوي في القيام بإدارة تلك المدخلات بما يرضي ضميره أولا ويضمن تحقيق الأهداف الواردة لكل مقرر ثانيا.
ما أهمله المقترح هو صيغة السؤال كيف؟ والذي يتجاوز لماذا؟ فلماذا يهتم بعرض الدوافع والأسباب، وهو خاص بالجانب النظري؟ أما سؤال الكيفية فهو يهتم بالجانب العملي والتطبيقي من حيث العمل والاستراتيجية، وهذه بعض الاستفسارات والتساؤلات حول طريقة التنفيذ التي تندرج تحت إطار الكيفية:
من هي الجهة المعنية بتطبيق هذا المقترح مستقبلا؟ هل ستقوم بذلك وزارة التعليم بمسارها العام بحكم أنهم أقرب إلى الميدان التربوي من غيرهم أم العالي الأكاديمي بحكم الاطلاع ومعرفة ما توصلت إليه آخر الأبحاث والدراسات والتجارب العالمية في التعليم؟ وما المعايير التي ستحدد ويخضع لها المتقدمون لمهنة التعليم؟ وكيف ستكون المعايير مستقبلا؟ وهل ستستمر في المطالبة بحصول المتقدم على دبلوم تربوي أم تتجاهل الممارسة والخبرة العملية؟ وهل الجهة التي ستشرف على إصدار الرخصة التعليمية جهة محايدة؟ وماذا عند الشروع في وضع المعايير، هل هناك معايير قبل الالتحاق بمهنة التعليم كشروط أساسية أو حد أدنى، وهناك معايير وشروط بعد الالتحاق للاستمرار في تجديد الرخصة للمعلم؟ وما المعايير التي ستوضع وتصاغ لمعلمي المرحلة الابتدائية من حيث الخبرة والقدرة والرغبة؟ فهل ستكون المعايير واحدة أم مختلفة حسب المرحلة الدراسية ومتطلباتها؟ وغيرها من التساؤلات والاستفسارات التي من الضروري الاستفاضة في طرحها والتعمق في تأملها كي يطبق القرار بشكل يتناسب مع الحاجة إليه، ولكيلا يكون تغييرا شكليا وتنظيما فقط تقتصر نجاحاته على صدور تعميم أو سن نظام أو إعلانه في الإعلام.