قررت مساء البارحة أن يكون مقالي لهذا الصباح خفيفا دافئاً بعد شهر من الكتابة الجادة. وعلى الشبكة الإلكترونية، أبحرت لساعات باللغتين العربية والإنجليزية باحثا عن تقرير كي أحوله إلى فكرة تحليل تصلح لمقال خفيف دافئ. وجدته.... تقرير من جامعة لوزان السويسرية يتحدث عن سلوك وطباع ملايين السياح الذين غزوا القارة الأوروبية في شهري يوليو وأغسطس المنصرمين. وللدهشة، فقد ذهلت كيف استطاع ثلاثة باحثين قراءة وتحليل سلوك مجتمعات كونية كاملة في ظرف عشرة أيام خلت منذ انتهاء موسم الإجازة الصيفية. اكتشفت في ثنايا هذا التقرير أن كل أمة ومجتمع لديه نكت وظرائف وأفلام ومقاطع سياحها في القارة العجوز وفي غيرها من أماكن الجذب السياحي في هذه البسيطة. خذ مثلاً: نحن نطلق النكتة الساخرة أن السائح السعودي يعود إلينا من إندونيسيا ليقول لنا في أول جملة إن سعر "التيس" لا يزيد عن مئتي ريال وكأننا شعب جائع إلى اللحم الأبيض في بلد ينحر في اليوم الواحد ثلاثة آلاف بعير، نحن جائعون إلى أنواع لحوم أخرى، ومن الطرافة أن يدفع الفرد في المعدل 20 ألف ريال كي يشتري خلال رحلته تيسا بمئتي ريال في جبل إندونيسي. اكتشفت في تقرير جامعة لوزان الجذاب عن سلوك وطباع السياح أننا لا نختلف في هذه النقطة بالتحديد عن الآخرين في شيء. خذ مثلاً، وكم أكثرت في العام الأخير من عبارة... خذ مثلاً.. أن الياباني يدفع ألفي دولار لمجرد التذكرة من طوكيو إلى جنيف ثم يخرج سعيداً جدا من مطعم في مدينة "مونتروا" السويسرية حيث "السوشي" هناك بنصف سعره في كيوتو أو يوكوهاما اليابانية.

نعود إلى التقرير: يقول التقرير نفسه إن السائح العربي يعشق الجلوس على الأرض على بسطة أو فرشة أمام أنهار "انترلاكن ولوغانو" ثم يغادر المكان دون تنظيف المكان الذي تركه. لكن التقرير عادل منصف حين يتحدث بوضوح أن هذا السلوك لا يحتاج سوى خمسة دولارات لسائح يصرف في المعدل 600 دولار في اليوم الواحد. التقرير مثلاً، يتحدث عن السائح الياباني الذي يصنع السلعة في بلده ثم يأتي لأوروبا فلا يشتري سوى المنتج الياباني بنصف سعره في بلده. التقرير يتحدث عن أن السائح الصيني، وخذ مثلاً، لا يصرف في اليوم السياحي الواحد أكثر من 130 دولاراً لأنهم زبائن "النزل" السياحية الشعبية التي تقبل بدورة مياه واحدة لكل أربع عوائل. التقرير، وخذ مثلا، يتحدث عن الخليجي الذي يشترط دورة مياه مستقلة لكل فردين. التقرير يتحدث عن الطبقة الهندية العليا التي تسيح في أوروبا وقد اشترت في بلدها تذاكر القطار والمترو بالروبية الرخيصة بينما يستيقظ السائح الخليجي بعد الظهر ثم يأخذ "التاكسي" من أمام الفندق للسفر من "زيلامسي" إلى "ميلانو" وأكثر ما لديه ليقوله: شغل العداد.. انتهت المساحة.