سنويا وفي موسم الحج كانت تتكرر بعض المواقف التي يمكن تصنيفها بالكوميديا السوداء، حين تستغل بعض النفوس المتعلقة بالنصب والاحتيال اصطياد الراغبين في أداء فريضة الحج ثم تسوق لحملة لا وجود لها على أرض الواقع، ولحين اكتشاف الواقعة يكون المحاسب قد أطبق بنواجذه على (القروش) وسافر على أول رحلة متجهة إلى بلاده، تاركا (المنصوب) عليهم و(الضالين) في دهاليز قلة الرقابة يتخبطون يمنة ويسرة، بعد أن بذلوا المال ثم اتضح أن الحملة مجرد (خازوق) موسمي يتم تكراره بنجاح، ولينتهي بهم وبغيرهم الحال بتطبيق حملة (الرصيف الطاهر) ويكون العنوان الأبرز افتراشهم في المشاعر وعلى عينك يا تاجر، وفي هذه الحالات أقول وبصدق إنهم ضحايا لمجرمين وليسوا مفترشين مخالفين.

ما علينا ودعونا نعرج على النظام (الذكي) الذي أقرته وزارة الحج حين حولت عملية تسجيل حجاج الداخل إلى عملية (مسار إلكتروني) وأقول عنه نظاما ذكيا؛ لأنه ببساطة سيقضي أو على الأغلب هذا ما افترضه على الحملات الوهمية، وبالتالي لا يمكن أن تتكرر مأساة الحملات الوهمية، ومع ذلك اتجه بعض مقدمي الخدمة نحو مقاضاة الوزارة كما تداولت بعض الصحف ذلك، وهذا شيء متوقع، فوزارة الحج هذه المرة رفعت سيف الحكمة في وجه الجشع، وكأني أراها تقول (لتُجار) الحج قفوا عند حدكم فالحج لم يكن يوما حكرا على الأغنياء، بل هي فريضة يستوي بها وعليها كل البشر سواسية، ومن باب أولى ألا تتحول الخيام إلى منتجعات دينية يتحدى بها المال صدق وحكمة المنال من فريضة الحج.

أما الأصوات التي تتباكى على تقييد تقديم بعض (البرستيج) و(الهياط) الموسمي، فأقول لهم اخشوشنوا أو احزموا حقائبكم واتجهوا ببوصلتكم نحو الدول السياحية، فمنى وعرفة ومزدلفة مشاعر مقدسة لأداء الفريضة وليست مقهى ومطعما فاخرا في منطقة (تقسيم) عند الأتراك وكفى.