الانتخابات البلدية حظيت بدعاية ممتازة من وزارة الشؤون البلدية والقروية، وزادها اهتماما دخول المرأة فيها ناخبة ومرشحة. وتركزت الدعاية على عملية المشاركة في التصويت، لكن الانتخابات كثقافة لم تجد الاهتمام ذاته، فكثير من الناخبين والمرشحين لا يعرفون من الانتخابات إلا "سجلْ وانتخبْ"، فالمجالس السابقة، خلال 12 عاما، لم تقدم نموذجا يمثل ثقافة الانتخابات، بل قدمت نموذج "موظف البلدية". فنحن نسمع عنهم يوم ترشحهم ويوم انتهاء فترة المجلس ونكون قد نسينا حتى أسمائهم. لا نعرف كيف ولا ماذا عملوا، ولا نشكر أو نلوم إلا البلديات والأمانات، فالمجالس خارج البال نهائيا، ومعظم أعضائها، إن لم يكن كلهم، طوال عملهم ينسون أنهم منتخبون، وينسون أن واجبهم، مجتمعين وفرادى، التواصل مع ناخبيهم وأن يكاشفوهم بأسباب الإخفاقات، ومعظم أعضائها، إن لم يكن كلهم، لا يعرفون للإعلام طريقا، من يوم دخولهم حتى خروجهم، أما الوزارة نفسها فهي لم تقدم مفهوما مشاعا لثقافة الانتخابات غير "سجل وانتخب وشارك في صنع القرار"، لكن مفردات مضمون الانتخابات لا بواكي لها، المحاسبة والمكاشفة والمساءلة والإعلام ورقابة الناخبين على أداء مرشحيهم، وما معنى أن تعطي صوتك لأحد، ومعنى أن تكون مؤتمنا على صوتك وضميرك من أجل نفسك وأهل مدينتك أو قريتك؟
هذا بالنسبة للرجال وقل ما شئت عن النساء، ولا بد أن لدى لجان الانتخابات حكايات عن أول تجربة للنساء وكيف يفهمن العملية، وما الفرق بين الترشح وبين التقديم على وظيفة في ديوان الخدمة.
اهتمت الوزارة، مشكورة، بالترويج لفرصة المرأة لكنها لم تهتم بالمرأة، بل إن الوزارة أوقفت دورات تدريبية لمواطنات قدمتها جهات مدنية برعاية مؤسسات مرخص لها في جدة والرياض؛ بحجة أن الوزارة قد قامت بتدريب طواقمها على ورقية التسجيل والانتخاب.
الانتخابات البلدية كما هي مطلب شعبي فهي مشروع وطني قدمته وتديره الدولة ومن الواجب تثقيف المواطنين بثقافة الانتخابات كاملة، وإلا فإن المسألة لا يفسرها أفضل من المثل الجيزاني "أشا لحم شاتي وأشا شاتي حيّة".