في مجتمعنا - وقلت هذا غير مرة - رد التحية يعني الكثير للناس.. استقبالهم بوجه طلق يعني الكثير أيضا.. الناس تريد أن تشعر بقيمتها!
أهل الشام يرددون مثلا شهيرا: "لاقيني ولا تغديني".. اللبنانيون يرددون عبارات جميلة تسلب القلوب والجيوب نحو: "بأمر عيونك".. "تكرم عينك"!
الناس في بعض المواقف يريدون منك كلمة لطيفة تمتص آلامهم.. تغسل همومهم.. تُربّت على أرواحهم.. كلمة عابرة لا تقيم لها وزنا، هي ذات أثر عميق في نفوسهم!
كثير من مقاطع الفيديو التي تداولها الناس في بلادنا خلال السنتين الأخيرتين - آخرها قبل أيام في الطائف - ضد بعض المسؤولين لم تكن ذات قيمة لولا أن المسؤول فقد أعصابه، وخرج عن اتزانه، وتلفظ بعبارات جارحة، أصبحت وبالا عليه، لا وبالا له!.
عملت قبل سنوات مع أحد المسؤولين.. كان حالة فريدة.. أنسب وصف له "دواء جمعة" كما يقال في الأمثال الشعبية! لا ينفع ولا يضر.. لكنه يمتلك لسانا يقطر عسلا وعذوبة.. كان الناس يدخلون عليه محملين بالآمال، والطموحات، والأماني.. ويخرجون خالين الوفاض، لكنهم معتدلو المزاج، مسربلون بكلماته اللطيفة!
نعم، الأمر يسير، بإمكان المواطن أن يعود أدراجه بمزاج معتدل، حينما يتم الاعتذار منه بلطف.. حينما يتم رفض طلبه بأدب، دون تجهم وغضب.
وفي الختام، ليس مطلوبا منك أن تكون دواء شافيا، طالما ليست لديك القدرة أو الصلاحية أو لا تمتلك الحل.. لكن لا تصبح "سُمّا زُعافا" يتجرعه الناس.. فلا أنت الذي أنجزت معاملاتهم وقضيت حاجاتهم، ولا أنت الذي أسمعتهم كلاما لطيفا طيبا.. فلا هم الذين طالوا بلح الشام ولا عنب اليمن!
استر حالك يا صديقي، حتى لا تصبح مقطع فيديو يتناقله الناس ويشتمونك.. "دواء جمعة" مفيد في بعض الحالات!