لن نقبل أبدا أن تتم الإساءة لأي سعودي في أي مكان، وما حدث في مطار إسطنبول مرفوض مهما كانت الأسباب، وليس من حق أي أحد ممارسة العنف ضد مواطنينا، بل يجب أن تتخذ بلادنا كل ما يجعل الجميع وفي كل مكان في العالم يعي ويفهم أن بلادنا لن تتنازل عن حقوق مواطنيها أبدا تحت شعار علاقات دبلوماسية أو غيرها، ونعلم أن تركيا نفسها ستطالب بنفس الحقوق لمواطنيها، ولكننا في هذه الأزمة لاحظنا المزاج السعودي الجمعي عندما يكون قاسيا في تقييم الأمور، فعندما تعرضت العائلة للاعتداء، تواصل سفيرنا الدكتور عادل مرداد مرتين بالعائلة، وقامت قنصليتنا في إسطنبول بإيفاد محام فورا، وأصدرت السفارة بيانات متتالية عبر حسابها بتويتر، ثم أعلنت القنصلية مخاطبتها الخارجية التركية، ومهم أن نعرف أيضا أن قنصليتنا تجاوزت الأعراف الدبلوماسية؛ حرصا على مواطنيها فتواصلت مع رئاسة مجلس الوزراء، بل وتواصلت أيضا مع رئاسة الجمهورية.
ولقد اتصلت هاتفيا بقنصلنا في إسطنبول السيد مساعد القناوي، وأبلغني أن القنصلية مهتمة كثيرا، فطلبت مشاهدة الفيديوهات التي صورتها كاميرات المطار، وبدا واضحا من حديثه حرصه التام على كل سعودي، وبعد كل ذلك يرى كثيرون أن ذلك لم يكن كافيا! ماذا يجب أن يفعل سفيرنا في تركيا كي يصبح بطلاً وطنيا؟ لماذا لم نعد نشكر من يخلصون لبلادهم ولو بكلمة طيبة واحدة؟ هذا شعور مؤذ ومحبط لمن يتعبون من أجل بلادهم، فيجابهوا بهذا الإحباط الذي حتما سيشعرهم أنهم فاشلون ومقصرون برغم كل ما يقومون به. أين أخلاقنا وقيمنا التي تربينا عليها؟ أين "من لا يشكر الناس لا يشكر الله"؟ بكل صدق وألم فالمشكلة الأكبر الآن وفي مختلف المجالات، تكمن في تعاطينا كسعوديين مع رجال بلادنا المخلصين وفي "عدوى الانتقاد غير المبرر". هذه العدوى تنتقل بين الأفراد بالتأثير اللحظي السريع المتزايد الذي يصنعه الإعلام الجديد ككرة ثلج، فيصبح الأكثر انتقادا وشتما هو البطل وليس من يتعامل ويقيم الحقائق، مغرد تويتر اليوم سيصبح أكثر بطولة عندما يشتم بعنف بدلا من أن يشكر بلطف، بل ويزيد من شعبيته وأعداد متابعيه هذا الشتم والانتقاد؛ مما يعكس انتشار ثقافة "هاجم كل شيء سعودي وستنجح"! ولا يعلم هؤلاء أن هنالك من يشعل قناديل الفرح بهذه الروح المحبطة التي توزع النقمة ضد أي فعل إيجابي، لقد كان غريبا جدا أن رب العائلة يشكر بعثتنا الدبلوماسية وموقفها مع عائلته، لكننا نرفض أن نستمع ونشكر بل نصرّ على التقصير. أليس شعورا قاسيا وبحثا عن الانتقاد غير المبرر؟!
شخصياً، أنا فخور جدا بسفيرنا الدكتور عادل مرداد وقنصلنا مساعد القناوي وفريقهما المخلص، وبطريقة إدارتهم للأزمة بكل الأدوات الدبلوماسية المتاحة: اتصال مع الضحايا، إيفاد المحامي، إصدار بيانات توضيحية متواصلة، تواصل مع الجهات المعنية، محاولة إثبات الحق من خلال المطالبة بالاطلاع على الأدلة، اتصال مع رئاسة الجمهورية، مجلس الوزراء.. ولكنهما حتما لم يقصفا تركيا بالنووي، كي يرضى الغاضبون.