ليس غريبا أن تجد ألفاظا عنصرية تصدر في وسائل التواصل الاجتماعي، فبحكم الذوبان في بحرها يتشجع العامة على التعبير بها دون حذر، فنتوقع منهم أن ينفثوا غضبهم، وأن يبثوا عنصرياتهم، وألا يتوانوا في التعبير عن تطرفهم، لكن الغريب هو عندما تطفح هذه العبارات العنصرية والطائفية على ألسنة القادة التربويين في مدارسنا! فقبل أيام قلائل سادت حالة التذمر والاستياء بعض مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار مقطع فيديو يظهر فيه تلفظ وكيل مدرسة "عبدالرحمن بن عوف" بطريف على ولي أمر طالب بعبارة "أصلك حقير، و.......... حقير"!
المتحدث الرسمي لتعليم الحدود الشمالية صرح أن مدير عام تعليم الحدود الشمالية وجّه بإنهاء تكليف وكيل مدرسة بطريف وإبعاده عن المدرسة حتى تستكمل التحقيقات. السؤال المطروح: هل ستكتفي الوزارة بقرار الإعفاء وتنتهي القضية؟ هل سيصدر وزير التعليم قانونا رادعا بإعفاء أي معلم أو إداري تربوي يمارس العنصرية داخل الحرم المدرسي؟ هل سيصدر وزير التعليم قرارا استراتيجيا باعتماد برامج تربوية وفكرية ترسخ لقيم التعايش والتعددية واحترام حقوق الإنسان؟
حقيقة أقولها بكل صراحة، نحن مجتمع صاحب "هبة" يعني "بس وقتها وبعدين ننسى" ذاكرتنا قصيرة ومثقوبة سرعان ما نحول ما كان منذ أيام قليلة أهم قضية في حياتنا، إلى قضية جانبية توضع على الرف، ولا نتذكرها إلا عندما تنفجر مصيبة جديدة في وجوهنا. وهنا أقترح على وزيرنا أن يدرج ضمن اختبارات القياس للمعلمين والمعلمات والإدارة المدرسية اختبار قياس "الطائفي" يقيس فيه مدى تحقق الحد الأدنى من المعايير والقيم الحقوقية التي ينبغي توفرها في المتقدمين إلى مهنة التدريس، أو الإدارة التربوية. وإليكم أهم عشرة أسئلة يطرحها المختصون في مجال حقوق الإنسان:
السؤال الأول: هل تتقبل زواج ابنتك أو قريبتك من رجل من قبيلة أخرى أو من طائفة أخرى؟
السؤال الثاني: هل لديك أصدقاء من الطائفة الأخرى؟
السؤال الثالث: هل تتزاور مع أشخاص من الطائفة الأخرى؟
السؤال الرابع: عند حديثك مع أبناء طائفتك التي تنتمي إليها، هل تقبل سب وشتم الطائفة الأخرى أم تعترض على ذلك السلوك؟
السؤال الخامس: هل تعد الطائفة الأخرى شركاء في الوطن حقا وصدقا، أم تعدهم كفارا تتحملهم مجبرا وتنتظر اللحظة المناسبة للتخلص منهم؟
السؤال السادس: هل تؤيد الطرح الطائفي المتشدد ضد الطائفة الأخرى؟
السؤال السابع: هل تستنكر أفعال العنف ضد منتسبي الطائفة الأخرى؟
السؤال الثامن: هل تتعاطف مع ضحايا الطائفة الأخرى حين تعرضها للعنف أو القتل أو التعذيب أو المعاناة أو حتى التمييز؟
السؤال التاسع: في حالة حدوث نزاع مسلح بين فئات وطوائف ودول، هل تؤيد دائما الطرف الذي يمثل طائفتك بغض النظر عن الحقائق على الأرض؟
السؤال العاشر: هل تعتبر أن ما يحدث لطائفتك هو نتيجة مؤامرة كبرى تشارك فيها الطائفة الأخرى؟
اجتياز هذا الاختبار هو الذي يحدد قبول المعلم أو المعلمة لمهنة التدريس.
أخيرا أقول: إن نجاح أنظمتنا التربوية والتعليمية في نشر مبادئ حقوق الإنسان وقيم التعايش والمواطنة، وزرعها لدى التربويين، كفيل بخلق جيل جديد من المواطنين يغلب عليهم التوازن المجتمعي واحترام الآخر.