نص صريح يبين أن فريضة الحج لمن استطاع، وليس من يقاتل حتى يحج كل موسم. ما يستدعي الاستغراب والاستنكار أن بعض المواطنين يبذل كل السبل ليكون موجودا في المناسك، لا لشيء، بل ليشهد منافع له قليلا ما يتعلق منها بأداء النسك.
أدى فريضته من قبل، وتراه هذا الموسم يشد الرحال، وقد يكون سلك طريقا غير نظامية، وقد يكون أداها على حساب أحد المتطوعين بالتبرع بالتكلفة بحملات الحج، ثم يأتي مزاحما وهو يقول في نفسه "لست أنا بالذي يضر ويضيق به المكان". وهناك غيره آخرون لهم الرأي ذاته؛ حتى امتلأت المخيمات بحجاج الداخل مزاحمين القادمين لحلم عمرهم من أقاصي الأرض.
الشعور بالمسؤولية في خدمة الحجاج ليست مقتصرة على الحكومة وجهات الخدمات، بل المواطن شريك فيها، وقد رأينا من شباب المنطقة الغربية مواقف مشرفة في الخدمات التطوعية التي يقومون بها للحجاج، وهم يساندون رجال الأمن والقائمين على خدمة الحرمين حتى نقلوا صورة جميلة مشرقة تليق بالبلد الحرام.
بقي الدور الأبسط والأيسر وا?هم على المواطن، وهو أن يسهم في التخفيف من الزحام ما أمكنه إلى ذلك سبيلا.
نحن والحمد لله في بلد ميسر لنا زيارة الحرم وقتما أردنا، وليس من المعقول والصحيح أن يكرر البعض حجته بل، ويصطحب معه الأسرة فقط لمجرد أنه بيت الله ومن حق الجميع!
نعم، هو حق الجميع، لكن عندما نستشعر المسؤولية، ونكون حاضري الإنسانية، نتذكر أن هناك من يأتي من أقصى الكرة الأرضية، متحملا عبء السفر ووهن السنون والعوز، ليحقق حلم حياته، أليس من حقه أن يجد متسعا من الوقت والمكان لإنجاز حجته في راحة وأمان صحي؟ أليس له الحق أن يحظى مرة واحدة بالخدمات المقدمة لحجاج الداخل مرات عدة؟
لقد وضع التصريح حتى يحد من تكرار زيارة الحرم كل موسم حج. ووضعت القوانين للحد من الزحام، وتقنين أعداد حجاج الداخل، ومع ذلك نجد المخالفين للأنظمة ينتهكون قانون الحج وقانون الإنسانية.
أيها المواطن: الحج لدينا يعد سياحة، وهو لدى القادم حلم يتوقف على ترتيبات قد تأخذ منه نصف عمره.
الحج فريضة نتقرب بها إلى الله، فالتقرب إلى الله يكون بها مرة واحدة، وباقي المرات تقرب بإفساح الطريق للقادمين. تذكر مشقة تحقيق أحد أحلامك، وتعاطف مع هؤلاء.
لا بد أن يجتهد المشايخ والدعاة لرفع مستوى الوعي بين الناس وبينهم هم أنفسهم، إذ بدل أن يسافروا جماعات للدعوة والإرشاد يجب أن يقتصروا على عدد بسيط منهم، فالخير في التخفيف على الناس والاكتفاء بالنشرات والبرامج التوعوية التي تبثها وسائل الإعلام.
قال تعالى: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا".