التعبير في العنوان لأستاذنا عبدالله الغذامي في مقاله الثري الأحد المنصرم، وهو اليوم ذاته الذي تساءل فيه الزميل حسن الحارثي في موقع هذه النشرة: "لماذا فيلم محمد؟"، فبدا لي وكأن الغذامي يجيب عن سؤال الحارثي؛ فما زالت السينما هي أنعم أيادي طهران في ملامسة الوجدان الإسلامي.
قدمت على مدار سنوت أعمالا سينمائية وتلفزيونية ذات صبغة دينية مثل "سيدنا يوسف"، و"سيدنا سليمان"، تداولها الناس في كل أنحاء العالم الإسلامي سرا وجهرا.
استغلت صناعة السينما الإيرانية هذا الشغف، كما استفادت من تحفظاتنا في تجسيد رموزنا من الأنبياء عليهم السلام، والصحابة رضوان الله عليهم، سينمائيا أو تلفزيونيا، وتكاسلنا عن تقديم رموزنا السياسية في أعمال درامية حقيقية تستحق المشاهدة، وانشغلنا -بدلا عن ذلك- بتقديم أعمال فنية من نوعية حزمني يا.. وبابا فين!
فعلت إيران ذلك لتخدم نهجها الفكري والسياسي؛ ولتكسب أرضية ثقافية على حسابنا، وجعلت من السينما بوقا دعائيا لها كما تفعل كل دول العالم بما فيها أميركا التي تعد "هوليود" مرسولها إلى بقية البشر وناشرة ثقافتها. فمتى نعي الرسالة الحقيقية للفنون، ومتى تكون لدينا أعمال تخدم مفاهيمنا، وتقدم وجهة نظرنا إلى العالم، وتقدمنا نحن بكل ما نحمل من كنوز ثقافية وإرث تاريخي؟.
أنتج مصطفى العقاد، رحمه الله، فيلم "الرسالة" فكان الوثيقة السينمائية الأهم في العالم حول الرسالة الإسلامية الخالدة، وأصبح المرجع العالمي السينمائي الوحيد لأزهى عصورنا، والآن وُجدت وثيقة إيرانية منافسة، الله وحده يعلم كيف ستقدم هذه الفترة للعالم، أيها السادة.. انتبهوا لجبهة الفنون، فهي ليست مجرد تسلية.