انتشار الجوالات الذكية بكاميراتها التوثيقية التي لا تبقي أي حادثة لافتة، جعل المستوطنين يلعنون العصر الرقمي، وذلك بعد أن فضحت مقاطع فيديو تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، الانتهاكات الإسرائيلية المتذرعة بمحاولات الطعن.

وأظهر تسجيل مرئي التقطه أحد هواة التصوير الفلسطينيين، صباح أمس، مستوطنا يحمل مسدسا يطلق النار على الشاب فضل القواسمي "18 عاما" في مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، فأرداه قتيلا، دون أن تكون بحوزته أي آلة حادة، لكن قوات حرس الحدود الإسرائيلي ادعت بعد وصولها إلى أرض الحادث أن الشهيد حاول طعن المستوطن، وهو ما نفاه التسجيل الذي انتشر سريعا على شبكات التواصل الاجتماعي.

ولم تجد حكومة تل أبيب تبريرا للحادثة، ولكنها قالت على لسان المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي "الإعلام الفلسطيني الرسمي يواصل التضليل والتحريض، ويزعم أن الذي حاول طعن مواطن إسرائيلي في الخليل، قتل بلا سبب"، دون تفريق بين كاميرات الهواة وإعلام السلطة.

مشاهد مماثلة

وتكررت المشاهد المماثلة بالقرب من الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، حيث قالت الشرطة الإسرائيلية إن إحدى أفرادها أطلقت النار على فلسطينية حاولت طعن شرطية، قبل أن يتبين استشهاد القتيلة وفقا لكاميرات الجوالات.

ومنذ مطلع الشهر الجاري، وثق هواة فلسطينيون بجوالاتهم عمليات قتل وجرح استهدفت فلسطينيين زعمت شرطة الاحتلال أنهم حاولوا تنفيذ طعن، منها: إطلاق النار على الشاب فادي علوان، من سكان حي العيساوية بالقدس الشرقية، في الرابع من أكتوبر الجاري، ما أدى إلى استشهاده في منطقة باب العامود، حيث أظهر التسجيل متطرفين إسرائيليين يلاحقون علوان الذي كان في طريقه إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر، حتى وصلت دورية إسرائيلية إلى المكان فلجأ إليها علون لإنقاذه، غير أن أحد أفرادها أرداه شهيدا بطلب من أحد المستوطنين، وسط هتافات "الموت للعرب".

وفي مستوطنة بشجات زئيف المقامة على أراضي بيت حنينا، يظهر الطفل أحمد مناصرة، والدم ينزف من وجهه، وهو ملقى على الأرض، وإلى جانبه مسعفون وشرطة إسرائيليون لا يقدمون له أي مساعدة لإنقاذه، بل وجهوا له كلمات بذيئة وفقا للتسجيل.

ويقول أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات "صورة الطفل أحمد، مثل غيرها من الصور ولقطات الفيديو التي التقطت، هي دليل دامغ على المعاملة المهينة والمذلة التي يتعرض لها المصاب الفلسطيني أثناء انتظاره تلقي العلاج الطبي"، مطالبا بالإدانة الدولية، واتخاذ الإجراءات الفورية لمساءلة الاحتلال، ووضع حد لهذه الجرائم. بدورها، أبدت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، قلقها من قيام الشرطة بمخالفة أوامر إطلاق النار، واستخدام السلاح الحي دون سبب أو تهديد.

تراجع

ورغم أن سلطات الاحتلال ترفض الاعتراف بما توثقه كاميرات الجوالات، فإنها بدأت تتراجع عن ادعاءاتها بمحاولة الفلسطينية إسراء عابد تنفيذ عملية طعن في العفولة مطلع الشهر الجاري، بعد أن كشف حقيقة الحادثة، المقطع المرئي الذي انتشر عالميا، عقب استشهاد إسراء.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الشرطة بدأت تميل إلى أن عابد لم تنو تنفيذ عملية طعن كما ظهر على الفيديو التوثيقي، رغم عدم صدور إعلان رسمي بهذا الشأن.