على مدى أربعة عقود كنا نقبل بالأرقام الفلكية لمشاريعنا التنموية ونقبل بعقود "الباطن" على مضض، الآن حصحص الحق وأصبح الوطن كله برمته ينتظر "مرحلة الحزم والعزم" من وزرائنا الأفاضل ليطلعوا على الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالعالم ومن ثم "مد القدمين على قد اللحاف".
كان الضخ المالي للمشاريع هائلا وكان الخير وفيرا و"التعثر" سيد الموقف -أتفق تماما مع صاحب المقولة الشهيرة "الخير واجد لكن ما هنا دبره" وفقه الله-، أما وقد أصبحت دول العالم على محك الأزمة الاقتصادية المتوقعة ونحن عود من حزمة هذه القرية الكونية، فعلى كل وزير -خاصة وزير المالية- إعادة النظر في تكاليف مشاريعنا المبالغ فيها التي لو نفذناها بـ10% من الميزانية المعتمدة لقام المشروع بالمواصفات نفسها وبدون تعثر، شريطة إبعاد مقاولي الباطن المصنفين "نخب أول" ويكفيهم ما جنوه من الكعكة لأربعة عقود متتالية.
أي مشروع ضروري يطرح في الفترة المقبلة إذا كانت الدراسة تقول إن التنفيذ يحتاج عشرة مليارات ريال فثقوا تماما أن المشروع سيتم تنفيذه بالمواصفات نفسها بمليار ريال، فقط إذا تولى التنفيذ شركات عالمية دون أنياب الضامن السعودي، ومن ثم تستمر عجلة البناء دون التأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية.
مرحلة الحزم والعزم تتطلب النظر ألف مرة في كل مشروع مستقبلي ووضع فلتر يحدد التكلفة الفعلية ويحدد الأهم فالمهم، ولا بأس من تخفيف الرحلات المكوكية والسفرات التشريهية وخارج الدوام لتحسين الوضع وترشيد النفقات والتصريحات "العرقوبية" إلى الحد الذي يضمن "لا ضرر ولا ضرار"، أما إهدار المال والهياط والمجاهرة والشبوك، فلها راعي الحزم والعزم بالمرصاد.
هذه المرحلة تنتظر العمل من الوزير والغفير ومن الكبير والصغير.. ستفشل الحرب النفسية وستنتصر السعودية.