يأتي كل يوم مئات الأفراد من العائلات الأفغانية المطرودة من إيران وباكستان إلى العاصمة كابول، تنقلهم شاحنات النقل العام بصحبة ممتلكاتهم المتواضعة، ولا يجدون في العاصمة إلا زاوية تنتشر فيها الروائح الكريهة لمياه الصرف الصحي، والأكواخ الخشبية العتيقة.
ويُشكل هؤلاء المهاجرون العائدون جزءا من أصل 82 ألف لاجئ أفغاني غير شرعي طردتهم باكستان من أراضيها منذ شهر يناير الماضي، يضاف إليهم نحو 150 ألف عامل طردتهم السلطات الإيرانية خلال الفترة ذاتها، وعادوا إلى بلادهم وهم لا يملكون شيئا يذكر. وتنقل لنا شومايلا مالك (45 عاما)، صورة مؤلمة عن معاناة هؤلاء العائدين، حيث قالت "لقد شهدنا شظف العيش الحقيقي في باكستان، لكننا كنا نعيش". وكان زوجها عاملا، إلا أنه أصيب بمرض الفشل الكلوي، مما دفع ولديهما للعمل في البحث عن قطع معادن الخردة وبيعها لتحصيل الرزق اليومي للعائلة.
وفي الطرف الآخر من كابول، يتجمع المئات من الرجال المعدمين، ويبدؤون بالاصطفاف بعد منتصف الليل ليشكلوا طوابير انتظار أمام المكتب الحكومي المتخصص بإصدار جوازات السفر، وهم يحملون أوراقهم الثبوتية. وعندما تفتح الوكالة الحكومية أبوابها عند الساعة السابعة من كل صباح، يكون عدد المصطفين في الطوابير قد تجاوز الألف. والغالبية العظمى منهم من العاطلين عن العمل الذين قرروا مغادرة الوطن بحثا عن عمل في بلدان أخرى.
ويعكس هذا المد البشري الذي يتألف من المهاجرين العائدين، وأولئك الذين يتقدمون بطلبات الحصول على جوازات السفر، حالة الانهيار الاقتصادي الذي تعانيه أفغانستان، وعجز الحكومة الجديدة التي تركت الملايين من أبناء الشعب هائمين على وجوههم في زمن انعدام الثقة بالمستقبل.
وفي وضع تسوده الهجمات المتكررة للمتمردين، وينخره الفساد الحكومي، ومع النهاية الصادمة للحرب التي خاضتها قوات التحالف الدولي، تحاول إدارة الرئيس الحالي أشرف غني، والتي أكملت للتوّ عامها الأول في سدة الحكم، تجاوز الخلافات السياسية وتعويم البلد من جديد. في 2014 بلغ معدل البطالة في أفغانستان 35%، وهو أضخم أربع مرات مما كان عليه في 2013. ويقول الاقتصاديون المختصون إن هذا المعدل سوف يرتفع إلى 50% مع استمرار تدفق الأفغان المهاجرين المبعدين من البلدان المجاورة. وباتت هذه الظاهرة واضحة في كل أنحاء أفغانستان، حيث يمكن رؤية ألوف الرجال وهم هائمون على وجوههم عند تقاطعات الطرق منذ الصباح الباكر أملا في الفوز بيوم عمل. ومع الانكماش الذي يعانيه الاقتصاد يشهد قطاع التوظيف الحكومي تراجعا متواصلا في مجال تأمين فرص العمل للمواطنين.