ما نراه دائما هو اللقطة الأخيرة من كل شكوى نرى فيها انفعال مسؤول ولا نعرف ما حدث قبل ذلك ولا كيف كانت تسير الأمور! بل إننا ننسى تماما أنها ربما تكون حالة انتقامية مدروسة بذكاء. يحدث هذا في عشرات الفيديوهات التي يتلصص المراجعون لتسجيلها واستراقها لما يعانونه من ضيق أو كرب فيقرر بعضهم التصوير أملا في حل قضيته، وآخرون انتقاما ينتهجون فيه الاستفزاز لعدم حل قضيتهم، وفي الحالتين هم أصحاب حاجة، وأنا بالطبع أرى أن تصوير أي إنسان دون إذنه جريمة يجب أن يحاسب عليها النظام. ولكن دعونا نبحث فيما لا يستدعي البحث وهو غرام السعوديين وارتباطهم بثقافة الفيديو والتصوير. الأرقام تشير إلى أهمية ذلك في المجتمع السعودي، وهو ما نراه جليا في توثيق كل ما يمكن معايشته من النكتة وحتى هموم الناس. ما يهمنا هنا العرائض والحاجات والشكاوى التي يصورها المواطنون من أجل المساهمة في انتشارها بين السعوديين، للفت الانتباه، ومن ثم حل المشكلة.
تأتي هذه الخطوة عادة بعد يأس المواطن/ المواطنة من محاولة الحصول على الحاجة التي يريد، فبعد المراجعة والمتابعة في الدائرة الحكومية، وبعد غياب ذلك الموظف، أو استحالة مقابلة هذا المسؤول أو ذاك، يمسك المواطن/ المواطنة هاتفه الجوال، ويقوم بتصوير حاجته بالفيديو مما يعني أنه يحرر فيديو إلكترونيا لمعروضه وحاجته وشكواه، إن فعلنا ذلك ونظمناه بشكل نظامي ستصلنا شكاوى المتعففين وشكاوى "الغلابة" المحرومين في غرفهم والعاجزين عن التحرك لظروفهم الخاصة، وهم كثر ولا شك في ذلك، فلماذا لا تقوم المؤسسات الحكومية بعملية عكسية؟ أي أنها توفر خدمة تسجيل الشكاوى والعرائض والحاجات بالفيديو من خلال مواقع تلك الوزارات والمؤسسات الإلكترونية، على أن يقوم فريق بدراسة تلك الشكاوى والتأكد منها.
أولا وآخرا لا يمكن الهروب من التقنية في إحداث تأثيرها على حياة الإنسان، لذا علينا أن نكون منسجمين مع التحولات والتغيرات التي تحدث، لنكون جزءا منها. سيكون إطلاق تطبيق هاتفي فيه خاصية الشكوى بالفيديو، والصوت والصورة والنص؛ أمرا حيويا يفيد المواطن والمسؤول على حد سواء. لأن الأصل هو سماع صوت الناس، ولا مانع الآن أن نسمع أصواتهم ونرى صورهم.