عبوة ناسفة هنا ونقطة أمن هناك، ومع ذلك تعيش القاهرة لياليها وكأنها غير مبالية بمحاولات سلبها ابتسامتها. استقبلت قرابة المليون سائح خلال الشهر الماضي. القاهرة لا شك وجهة مفضلة لدى السياح العرب، لما تمتع به من مزايا اجتماعية وثقافية وترفيهية ترضي الذوق العربي. وإن كانت قلة من العرب تهتم بالسياحة الثقافية المتمثلة في المتاحف والآثار فإن كثرة منهم يهمها المنتج الفني المصري متمثلا في السينما وحفلات المنوعات وبدرجة أكبر المسرح. وأعرف من يرى أن علامة تشافي مصر الكاملة هي عودة أنوار مسرح الزعيم لتضيء شارع الهرم، ولكن للأسف المسرح التجاري غائب حتى الآن عن المشهد. وكبار النجوم مبتعدون حتى عن المسرح القومي. والذي يعوض الغياب المسرحي هذا هو نخبة من الشباب يقدمون عروضهم في مسارح الدولة. وليت جمهورنا الخليجي يعلم مدى الروعة والجمال في كثير من هذه العروض المنزهة عن الغرض التجاري، والتي تتفوق فيها القيمة الفنية على الاعتبارات الأخرى.

لقد أسعدني الحظ مع نخبة من الإعلاميين السعوديين عندما حضرنا عرض مسرحية "ثري دي" التجريبية على مسرح الطليعة. خرجنا منها منتشين بالطاقة التي يبعثها الفن الحقيقي في الوجدان. تمثلت الأبعاد الثلاثة للمسرحية في الديكور الذي صمم ليدور حول محوره فيتمكن المشاهد من رؤيته من كافة الزوايا، وكذلك استخدام ثلاث قصص عشق تاريخية وعرض كل قصة بأكثر من أسلوب ومن خلال أكثر من وجهة نظر كدلالة على نسبية الحقيقة التاريخية. المسرحية تحفة فنية حقيقية تحترم الجمهور، وترتفع بالذائقة، وتستحق المشاهدة.