إن القرار البريطاني بعدم توجيه ضربة عسكرية إلى النظام السوري، عقب التقارير التي تحدثت عن استخدام السلاح الكيميائي في مناطق تسيطر عليها المعارضة قبل عامين، كان خطأ كبيراً لم يتسبب فقط في أزمة إنسانية بسورية، بل إن عواقبه تمثل خطراً كبيراً على الأمن القومي البريطاني.

ففي الوقت الذي رفضت لندن التدخل في سورية كانت هناك دول وأطراف أجنبية أخرى متورطة في الصراع، وبالتحديد حزب الله وإيران، اللتين قدمتا الكثير من المساعدة لنظام بشار الأسد. فمنذ البداية تدخلت إيران في سورية لضمان بقاء الأسد، حيث إن المال الإيراني حفظ نظامه المفلس من الفقر المدقع، وساعد القادة الإيرانيين لتشغيل جيشه، مع تقديم استراتيجية لمكافحة الثوار. وفي صيف 2012، دخل آلاف من مقاتلي حزب الله إلى سورية بإيعاز من إيران للقتال إلى جانب قوات الأسد. وفي الوقت نفسه تدخلت روسيا بتزويدها الأسد بأسلحة متقدمة.

لذلك، ما كان ينبغي أن يكون الاختيار في سورية بين التدخل الغربي أو ترك البلاد في حرب أهلية تديرها أياد أجنبية. إن الاختيار الوحيد الذي كان يجب اتخاذه هو التدخل العسكري. فقبل أن تقرر بريطانيا أنه ليس لديها شأن في الأزمة السورية، كان عليها أن تدرك أن الدول التي تشارك الأسد هي دول ماهرة بما يكفي للقيام بعمل على واقع الأرض، وسخية بما يكفي لحماية نظامه.

وإن لم يك للنواب البريطانيين مثل هذه القناعات، فإن النأي عن سورية ينطوي على مخاطر وخيمة. أما النواب الذين صوتوا ضد التدخل العسكري فقد كانوا مقامرين في ترك سورية إلى روسيا وإيران وآخرين -بالإضافة إلى ديكتاتور يقتل الأطفال بالغاز السام أثناء نومهم- من شأنه أن يؤدي إلى نتائج وخيمة.

اليوم، هنالك أكثر من نصف السوريين لاجئون سواء داخل أو خارج بلادهم، وهناك ما لا يقل عن220 ألف قتيل. كما أن هنالك حقيقة أخرى: لقد أدت المأساة السورية إلى قتل أكثر من نصف عدد الأرواح المقدرة في كل الحروب العربية-الإسرائيلية مجتمعة، بدءاً من عام 1948.

وبالطبع، فإن الخوف من عواقب التدخل الغربي في سورية أدى إلى وقوع كثير من التطورات السلبية التي كان من بينها تشكيل البيئة الحاضنة لتنظيم داعش. وعلى الرغم من همجية تنظيم داعش في العراق وسورية، إلا أن النظام السوري لا يزال مسؤولاً عن الغالبية العظمى من وفاة المدنيين العُزل.