شاهد بعضنا رسالة ساخرة ومتداولة مفادها "تعرف على 10 من أخطر أنواع الحموات". برغم أن هذا الموضوع مثير للاهتمام ولافت للنظر، إلا أنه لا يقل عن غيره من الموضوعات التي تتناول هذه القضية بأشكال مختلفة، فتجدها في شكل نصائح تربوية أو "كاريكاتيرات" أو نوادر ساخرة أو استشارات للمشكلات الأسرية، وهذا كله يأتي من مصب واحد يصنفها كظاهرة وإشكالية في عمق البناء الاجتماعي بوصفها مجالا من مجالات الصراع الواقعة في الحدود العائلية لدى الفرد.
بصرف النظر عن الأحكام المسبقة التي تنعت بها الحماة "الماكرة والشريرة" فالقضية برمتها ليست أكثر من منتج ثقافي، لأننا حين نلقي الضوء على نوع العلاقات الاجتماعية في إطار العائلة التقليدية، فسنجد أنها في بعض الحالات، وربما أكثرها تعد من ذلك النوع القائم على الصراع، حيث إنها تبنى على طريقة تحقيق ما يريده بعض أعضاء العائلة على حساب رغبات أعضاء آخرين، وهذا يعني أن هناك من يأمر وهناك من يخضع ويستجيب، وبما أن نظام السُلطة في المنزل تراتبية، ورغم أن الأم لا تتمتع بها إزاء زوجها أو أبنائها غالبا، لكنها تجد لنفسها مجالا في ذلك مقابل زوجة الابن، وهي بالتالي تفرغ أشكال الاضطهاد اللاواعي والناتج عن كونها عضوا خاضعا، بينما زوجة الابن ذات العلاقة القائمة على المقارنة هي أداة التنفيس، وبما أن ذهنية التملك حاضرة فقد ترى الأم أنها أحق بابنها من زوجته في اهتمامه وعطاياه.
عندما نتأمل في شكل هذه البنية العائلية التي تتشكل في إطار تنافسي بين من ينتهك حق الآخر، ومن يعاني من حالة اضطهاد، سنجد أن المشاحنات تسمح بتدخل ميكانيزمات تسهم في استلاب الحميمية بين أفراد العائلة، لا سيما تلك المفترض أن تكون بين الزوجين، وهذا يقود إلى العنف والتوجس وربما القطيعة إذا لزم الأمر، ومن هذا نستنتج أن الصراع يقع بين نمط تقليدي متحكم في العلاقات ويجدد مواقفه بشكل مستمر، وبين ضرورات تتطلبها الحياة الأسرية الحديثة؛ مما يحدث الضغوط والأعباء النفسية التي تؤدي إلى انهيار مؤسسات الزواج وبالتالي ارتفاع معدلات الطلاق.
لا يمكن حصر أسباب الطلاق في هذا الجانب، ولكنه يعد عاملا رئيسا يوجد الخلل في العلاقات الزوجية ويؤثر على مدى استمراريتها ونجاحها، حتى تجد من الفتيات من تشترط الاستقلالية على خطيبها في شروط العقد بحثا عن السلام والاستقرار، وهذا الأمر يتغاضى عنه الكثير بحجة البرِّ المطلق بالأمهات مع ضرورة الاعتراف بحقهن الكبير، لكن الرجل الذي هو محور الصراع والذي يتأثر بواقع يهمش النساء ويزدريهن، سيصعب عليه إدراك هذا التصور وبالتالي سيعجز عن تجاوز المشكلات الواقعة بين أمه وزوجته.