ما زلت متمسكا بموقفي السلبي إزاء قيادة المرأة للسيارة، لسبب بسيط وهو أن شوارعنا متوحشة ولا تحتمل وجود النواعم خلف مقود السيارة في درجة حرارة 49، فالمرأة التي تشعر أنها ضحية وتطالب بالقيادة، ستتيقن فعلا أنها ضحية متى ما نزلت إلى تلك الشوارع المتوحشة وقارعت "عكفان الشوارب" في فنون المراوغة والاستعجال.
أعرف أن رأيي لا يهم، ولا أظن أن أحدا له رأي مهم يعتد به في هذه القضية، غير أن هذه القضية لا يبدو أنها ستهدأ، فالمطالبات بقيادة المرأة في تزايد، ومن كانت ضد القرار بدأت تتحفظ، ومن كانت متحفظة انضمت إلى طوابير المطالبات، وعاما بعد آخر يزداد حجم المطالبة، ويتضح ذلك من خلال حجم التغريدات في تويتر، ولعل الموظفات اللاتي يربو عددهن على نصف مليون، يعرفن تماما حجم المعاناة وهو ما قاد عددا كبيرا منهن إلى الانخراط في المطالبة بقيادة المرأة والتي تظهر وتختفي بين الفينة والأخرى.
من يتابع هاشتاق #قيادة_المرأة_للسيارة، يقف على كمية من الألم والمعاناة عبرت عنها مغردات سعوديات، وهن يسردن قصصهن مع السائقين ومشكلاتهن في التتفل بين الليموزينات، ويظهر صوت المعلمات اللاتي يقطعن الطرق السريعة وهن يحكين عن ظلم السائقين واستغلالهم وصولا إلى الإهانات والتحرش، وما زلت أتذكر تغريدة معلمة تقول: "استقدموا لنا سائقات من الهند، على الأقل لا يتغير علينا المود النسوي المعتاد..".
المخجل في هذه القضية عدم وجود بدائل للمشكلة، فالسيارة وسيلة النقل الوحيدة، ووسائل المواصلات الأخرى "مضروبة"، ويبقى الحل في استقدام السائق الأجنبي، كمستبدل الرمضاء بالنار.
فأي حكمة في أن يضطر الرجل الوقور الغيور أن يرمي زوجته وبناته مع رجل غريب اللغة والطباع يقضين معه نصف يومهن في زحام المدن، لأن هناك في مكان آخر من البلد من يعارض قيادة المرأة وهو مقتنع تماما بوجود زوجته مع الرجل الغريب؟!