تفاقمت ظاهرة التطرف الصهيوني في المجتمع الإسرائيلي، وسط صمت السلطات الإسرائيلية أمام ما يحظى به هذا التيار من دعم داخل العائلات المستوطنة التي توارثت الفكر الصهيوني العنيف جيلا عن جيل.
ولقد تبعت الجريمة البشعة التي حدثت في قرية دومة بالضفة الغربية، المتمثلة في حرق رضيع عمره 18 شهرا وأبيه، موجة استهجان وتنديد في دول العالم كافة، وهو ما دفع بالسلطات الإسرائيلية للتحرك ضد التنظيم المتطرف "شباب التلال"، ووضعت أربعة من المنتمين له قيد الاعتقال الإداري، ما يفتح الباب أمام إمكان احتجازهم لمدد تصل إلى ستة أشهر دون توجيه اتهام واضح ضدهم، وهو إجراء قاس يتم اعتماده في العادة ضد الأسرى الفلسطينيين.
ومن بين هؤلاء المعتقلين يبرز الوجه المعروف مائير أتينجر (23 عاما)، ورغم عدم وجود صلة واضحة بينه وبين جريمة حرق الرضيع علي دوابشة، يشتبه جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشين بيت" في كونه متورطا في حرق كنيسة في الجليل في يونيو 2014، عندما كان يتزعم خلية تابعة لتنظيم "شباب التلال".
وقد اعترف المدير السابق للشين بيت، يوفال ديسكين، بأن "هذا التيار المتطرف يمثل دولة موازية داخل الدولة، ويتصف بالتشدد الديني واعتناق الفكر الصهيوني المتطرف، كما أنه فوضوي وعنصري عنيف، وينشط منذ عدة سنوات بكل حرية".
يُعد مائير أتينجر رمزا لهذا التيار، إذ ينحدر هذا الشاب من عائلة توارثت العمل المتطرف والعنف، في سبيل تحقيق حلم "أرض إسرائيل" كدولة يهودية على ضفتي نهر الأردن، تضم فلسطين المحتلة والأردن.
ويوصف جده الحاخام مائير كاهانا، بأنه عراب التطرف اليهودي في العصر الحديث. فهذا الرجل الذي أسس رابطة الدفاع اليهودية، والحزب القومي اليميني "كاخ"، أثر أيضا على المجرم باروخ جولدشتاين الذي قتل 29 مسلما في الحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1994.
قضى مائير كاهانا، المولود في نيويورك عام 1932، النصف الأول من حياته في شوارع بروكلين في نيويورك، وقد كان والده أيضا حاخاما معروفا. وفي عام 1968 أسس كاهانا رابطة الدفاع اليهودية، بحجة التصدي لظاهرة معاداة السامية، في حوالي 20 دولة، من بينها فرنسا. وقد ظل يحرض على اعتماد العنف ضد أولئك الذين يعتبرهم معادين للسامية. واستهدفت منظمته العنصرية بشكل خاص الأميركيين من أصل أفريقي، لأن معظمهم ساندوا القضية الفلسطينية بعد حرب 1967.
أخذ الشاب مائير مشعل التطرف عن عائلته عندما كان عمره 17 عاما، حيث غادر بيت العائلة وانضم لشباب التلال. وتراوحت أنشطته بين دعم الاستيطان اليهودي للأراضي الفلسطينية، وشن الهجمات على القرى العربية. وهو يدير حاليا مدوّنة على موقع الإنترنت "الصوت اليهودي"، ويسعى للترويج للفكر الكاهاني المتطرف.
* صحيفة (لوموند) الفرنسية