منذ أكثر من عشرين عاما ومشكلة تلوث مياه الصرف في مدينة جدة تراوح في مكانها، فما أن نتقدم خطوة إلى الأمام حتى نعود مئة خطوة إلى الخلف، والحق يقال إن ما أنفقته الدولة على مشاريع مياه الصرف الصحي في مدينة جدة في العقدين الماضيين، قد يوازي ميزانية دولة من الدول النامية!! ومن العجيب أن النفقات على مشاريع مياه الصرف الصحي في مدينة جدة في تزايد مطرد، فوزارة المياه والشركة الوطنية لم تعد تتحدث بلغة الملايين على مشاريع مياه الصرف الصحي في مدينة جدة بل أصبح الحديث الآن بلغة المليارات! وهذا أمر لم نعهده أو نسمع عنه في دول لا نقارن بها من حيث حجمها و عدد سكانها! فهل مياه الصرف الصحي في مدينة جدة غير؟!

وفي حديث نشر لرئيس شركة المياه الوطنية في جريدة عكاظ في عددها 3399 الصادر بتاريخ 28/10/1431هـ، ذكر فيه حرفيا " أنه يتحدى الجميع بإثبات نقل نقطة من مياه البحيرة إلى البحر" ويقصد بذلك بحيرة المسك! ونحن خبراء البيئة من تحداهم الأستاذ لؤي، لا نتعامل بلغة التحدي، ولكن نتعامل بلغة المنطق العلمي، والعلم يا أخي يوضح لنا حقيقة علمية واضحة المعالم، أدركها خبراء البيئة في جميع مناطق العالم، تنص على أنه بقدر ما نعتدي على البيئة بقدر ما تكون فداحة عقاب البيئة لنا! ولنعتبر يا أخي بما حدث في منطقة حمراء الأسد في المدينة المنورة من جراء التلوث الصناعي الذي ذهب ضحيته الأطفال والنساء والشبيبة والشيبان، انظر يا أخي إلى شهداء حمى الضنك في كل من مدينة مكة المكرمة وجدة، انظر يا أخي إلى شهداء الجنوب الذين خروا صرعى من حمى الوادي المتصدع، انظر يا أخي إلى ضحايا حمى فيروس الخرمة، وانظر يا أخي إلى ما حدث لمدينة جدة في يوم الأربعاء الأسود!!. ألا يكفينا يا أستاذ لؤي أننا وضعنا مدينتنا عروس البحر الأحمر الأولى في العالم من حيث تلوث سواحلها! فإلى أين ستمضون بنا وبمدينة جدة؟ اعلم يا أخي أن الحل الوحيد لمشاكل مدينة جدة هو التمتع بالصدق والشفافية في تحديد أبعاد مشاكلنا البيئية فعندما نكون صادقين مع أنفسنا عندها فقط نستطيع أن نكون وضعنا أقدامنا على أول الطريق الصحيح! تذكر يا أخي أنك استطعت أن تتخلص من مياه بحيرة المسك في أقل من ثلاثة شهور! عجبا يا أخي أتريد أن تقنعني وتقنع سكان مدينة جدة، أن مشكلة بحيرة المسك التي استعصى حلها على جميع أمناء مدينة جدة لسنوات طويلة، والتي شكلت تحديا خطيرا لسكان مدينة جدة لسنوات طويلة، تأتي أنت لتضع حلا لها في ثلاثة شهور! نعم أنت قد أفرغت بحيرة المسك من مائها ولكن كيف؟ وما هي الآلية التي اتبعتها في ذلك؟ صدقني يا أخي أن ما أنجزته كان من الممكن وبكل سهوله أن ينجزه أي أمين من أمناء مدينة جدة السابقين، ولكنهم جميعا رفضوا أن يعالجوا خطأ بخطأ أفدح منه! نحن يا لؤي نقدر لغة الحوار ونرفض لغة التحدي، فالحوار وليس التحدي هو الطريقة المثلى للوصول إلى أفضل النتائج فيما يخدم هذا الوطن العزيز على أفئدتنا. وأنا على أتم الاستعداد للحوار معك أو مع أي كان في أي مكان وزمان، ولكن بعيدا عن لغة التحدي!

أخي لؤي عندما أمر خادم الحرمين الشريفين أدامه الله بتجفيف بحيرة المسك، لم يأمركم أطال الله في عمره أن تفرغوا مياه البحيرة الآسنة في عرض البحر!، كما أنه أطال الله في عمره، لم يأمركم بمعالجة الخطأ بخطأ أكبر منه! بل كان يتطلع إلى رفع ضرر بحيرة المسك عن رقاب العباد، بطرق علمية تعتمد في جوهرها على تسخير مياه هذه البحيرة لمصلحة البلاد والعباد!

نعم يالؤي وبدون تحدٍ لقد أفرغتم بحيرة المسك في البحر، ويشهد على ذلك معظم سكان مدينة جدة! يشهد على ذلك مجرى السيل الجنوبي والشمالي الذي نقل مياه هذه البحيرة اللعينة إلى البحر!

ودعني أذكرك ببعض الحقائق، بعد كارثة مدينة جدة ارتفع منسوب بحيرة المسك إلى أرقام قياسية لم تشهدها بحيرة المسك من قبل حيث قدر حجم تلك المياه بما يزيد على 60 مليون متر مكعب الأمر الذي كاد يتسبب في انفجار العقوم الترابية حول البحيرة خاصة ما يعرف بالسد الاحترازي، مما دعا الدفاع المدني لإخلاء المناطق السكنية، ولم تجد أمانة مدينة جدة في ذلك الوقت مخرجا سوى تصريف هذا الكم الهائل من المياه في عرض البحر، وعندما نقلت مسؤولية بحيرة المسك إلى الشركة الوطنية، استمرت الشركة في ضخ مياه البحيرة إلى سواحل البحر الأحمر، وفي تلك الفترة وبالتحديد 29 ذي الحجة لعام 1430 الموافق 16 ديسمبر عام 2009 في بيان نشر في صحيفة الشرق الأوسط أعلن صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة أن تفريغ بحيرة المسك في البحر حل غير مقبول بيئيا، وفي نفس الفترة أكد سعادة الدكتور سمير غازي، وكيل الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة معارضة الرئاسة لتفريغ بحيرة المسك في البحر الأحمر، وعبر جريدة البلاد بتاريخ 10/7/ 2010 الموافق 28/7/1431هـ ناشدت معالي وزير المياه وشركة المياه الوطنية بوقف ضخ مياه بحيرة المسك في البحر الأحمر، بعد هذا تأتي يا أخي لؤي لتتحدى من يثبت أن شركتك الموقرة قد ضخت نقطة ( قطرة) واحدة من مياه بحيرة المسك في البحر الأحمر، حسبنا الله ونعم الوكيل! وللحديث بقية