علمت "الوطن" من مصدر مطلع أن هيئة التحقيق والادعاء العام دائرة النفس تدرس محاضر الدفاع المدني في "حادثة الرافعة البرجية" التي سقطت بالحرم المكي وراح ضحيتها 111 شخصا وإصابة 238 آخرين، فيما رفع ثلاثة محققين وقفوا ميدانيا أمس على موقع الرافعة توصية بأهمية الاستعانة بخبراء في مجال السلامة للرافعات البرجية للتأكد من دقة تطبيق وسائل السلامة من قبل المهندسين المشرفين على المشروع.

استجواب مهندسين

وأضاف المصدر أن المحققين تمكنوا من تسجيل استجواب مهندسين من مجموعة بن لادن للمشاريع الوطنية والدولية وأخذ أقوالهم، وقام المهندسون بتزويد المحققين بأوراق تختص بتشغيل الرافعة وترجمتها، وفي نهاية التحقيق الميداني الأول تم تدوين ملاحظات عدة من قبل الفريق المكلف بالتحقيق، والتي تفضي إلى أن المؤشرات الأولية تدل على أن السبب الرئيس قوة الرياح وعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة من قبل المشرفين على المشروع، كما تمكن المحققون من الاستحواذ على أوراق عدة تتضمن مراسلات بين مهندسين وفنين يعملون في الموقع حول الجهة المشرفة على الرافعة والجهة المسؤولية عن إدارة الموقع.

زيارات ميدانية

وأضاف المصدر أنه حتى أمس لم يرد إلى هيئة التحقيق والادعاء العام دعاوى بالمطالبة بالحق الخاص وما يزال الأمر قائما، وقال المصدر "الوقوف الميداني للمحققين أمس ليس الأخير حيث يعتزم الفريق القيام بزيارات ميدانية عدة للموقع كلما تطلب الأمر ذلك حتى يتم الوصول لكل المعلومات التي يحتاجها المحققون للكشف عن المتورطين في الحادثة ومحاسبتهم".

وأكد المصدر أن التهم التي ستوجه للمتورطين في الحادثة تتمثل في الإهمال، والتقصير، وعدم تطبيق اشتراطات السلامة، وإزهاق الأرواح وإتلاف الممتلكات، وحين إثبات ذلك يتم إحالة جميع المتورطين للمحكمة لصدور عقوبات عليهم، بالعادة تكون عقوبة تعزيرية ويقدرها القاضي.

المسؤولية الجنائية

من جهته، أوضح المحامي والمحقق السابق بهيئة التحقيق والادعاء عاصم الملا لـ"الوطن" أن المسؤولية في حادثة الرافعة البرجية التي سقطت في الحرم المكي تعد مسؤولية جميع العاملين في المشروع، ويعني ذلك أن كل من يثبت عليه التورط في هذه الحادثة ويثبت عليه التقصير أو التعمد أو الإهمال تكون هناك مسؤولية جنائية عليه وعلى كل الفنيين والعاملين والمهندسين ومشغل الرافعة والمشرفين على المشروع والجميع تطالهم العقوبة الجنائية وتكون المسؤولية بنسبة معينة وبشكل تدريجي.

شبهة إهمال

وأضاف الملا، أن هناك خطابا يتداول في مواقع التواصل الاجتماعي يحمل الإشارة إلى تعليمات صادرة من نائب المدير العام للتنفيذ مسؤول برامج السلامة للحرمين الشريفين موجه إلى مديري المشاريع ومديري السلامة بجميع مشاريع توسعة الحرم لمجموعة بن لادن، بإيقاف جميع الأعمال بجميع المواقع بمشروع توسعة الحرم المكي والعناصر المرتبطة به مع العلم أن آخر يوم للعمل هو يوم الخميس 10-9-2015 الموافق 26 -11-1436 ويسمح فقط بأعمال النظافة ورفع المخلفات وأعمال الطوارئ والسلامة، ففي هذه الحالة إذا كان هذا الخطاب صحيحا وصدر بالتاريخ المدون فهذا يعني أن العاملين في المشروع تركوا العمل قبل الحادثة بيوم وهنا تكون القضية جنائية بحتة.

إجراءات السلامة

من جهته، أوضح كبير خبراء السلامة والصحة المهنية بالشرق الأوسط الدكتور يوسف الطيب لـ"الوطن" أنه لابد على من يعمل في المشاريع الكبيرة وخاصة "الرافعات البرجية" كالتي في توسعة الحرم المكي التقيد بإجراءات التركيب ووسائل السلامة التي يتضمنها كتالوج تركيب تلك الرافعات والذي يتم تزويد الجهة المستفيد به من قبل الشركة المصنعة لهذه الرافعات.

وأضاف أنه في حال التركيب لابد من أخذ الاحتياطات الواجب اتخاذها أثناء تركيب الروافع البرجية في مكانها والاطلاع الدقيق والكامل على الكتالوج من قبل المهندسين والفنيين المعنيين، كذلك يمنع المرور بمنطقة تركيب الرافعة ومراجعة كل أجزاء الرافعة بدقة قبل التركيب واستبعاد أي جزء قد يكون طرأ عليه تغير أو انحناء، ويحظر التسخين أو الطرق أو اللحامات العشوائية غير المدروسة في أي جزء بغرض إصلاحه بل يتم استبداله بآخر سليم طبقا لمواصفات وتوصيات المصنع مع إجراء اللحامات المطلوبة بطريقة فنية مدروسة.

احتياطات وقائية

وأضاف يوسف أن الاحتياطات الوقائية قبل التشغيل اليومي للرافعة البرجية تتضمن تجربة كل حركات الرافعة والتي تضم اختبار أجهزة الأمان دون حمل، ودوران الذراع إلى اليمين وإلى اليسار كذلك تحريك عربة التروللى للأمام والخلف وتحريك الخطاف إلى أعلى وتحريك الرافعة للأمام والخلف "بالنسبة للرافعة المتحركة على قضبان". وقال "هناك العديد من الاحتياطات وشروط السلامة والتركيب التي يتضمنها كتالوج الرافعات، كما يجب التأكد أن أجهزة الأمان المخصصة لكل حركة تعمل بكفاءة وفى حالة اكتشاف أي عطل يجب إيقاف العمل فورا وإخطار الجهة المسؤولة عن الصيانة لإصلاح العطل ثم إعادة التجربة".