يشهد العالم، في ظل عصر عولمة المعلومات، انتشار الأفكار المتطرفة، ما جعل القضاء عليها بالاعتماد على الحلول الأمنية والعسكرية فقط أمرا مستحيلا، وعليه ينبغي محاربة التطرف من خلال طرق فاعلة وإنشاء آلية "منع ومناعة".

يشكل الشباب عصبا مهما ومفصلا قويا في المجتمعات. ويرى الباحثون والمحللون أن الشباب في مرحلة المراهقة أكثر عرضة للأفكار المتطرفة، وبالتالي فإن الفترة من سن 14 إلى 25 سنة هي أفضل فترة لحماية الشباب من الانزلاق نحو الأفكار المتطرفة. عموما، تربية الطفولة غير تربية المراهقة، إذ يتميز المراهق بعدم النضج الفكري والتهور والنقص الحاد في الخبرات الحياتية، كما أن التناقضات العديدة بين التربية الدينية التقليدية والتربية العلمية تعرض الفرد للخداع والتحريض والوقوع فريسة في يد الجماعات المتطرفة والتأثير عليه، مما ينبغي الاهتمام أكثر بـ"المراهق" والعمل على تعزيز قدرته على التحكَّم لحماية نفسه من شرور كثيرة قد يتعرض لها.

يجب محاربة التطرف من خلال المناهج التعليمية التي تهدف إلى محاصرة هذه الظاهرة والمحرضين عليها، بالإضافة إلى إنشاء نماذج إرشاد نفسي فاعلة لتقديم خدماتها الإرشادية والتأهيلية للمراهقين، لبناء جدار حماية ووقاية قوية لحماية الشباب المعرضين لأي خداع محتمل أو الانسياق وراء الأفكار المتطرفة.

ويمكن أن نرى من تجربة بريطانيا وغيرها في محاربة إيديولوجيات وفكر التطرف، أن عمل الدول الأجنبية في محاربة فكر التطرف اعتمدت أساسا على: الاستفادة الشاملة من قوة المجتمع. فعلى سبيل المثال، اعتمدت الحكومة الهولندية على المنهج التعليمي لتحصين الشباب من الأفكار المتطرفة ومساعدتهم على فهم مخاطرها. ثانيا، إعداد التعليم الديني في المدارس. على سبيل المثال، بث برامج تلفزيونية وعرض حالات تطرف سابقة لتعريف الشباب والأسر ببعض القضايا ذات الصلة، لتكون درسا حيا للشباب لتقليل الفضول ومعرفة الأفكار المتطرفة وما ينتج عنها من سلبيات. ثالثا، تنفيذ مشروع إعادة تأهيل وإعادة دمج أصحاب الأفكار المتطرفة. ونستطيع بالاعتماد على مثل هذه الإجراءات والممارسات أن ننشئ جدار حماية للمراهقين للسيطرة على أصحاب التوجهات المتطرفة، وبالتالي يمكن التدخل عند حدوث أي سلوك متطرف في الوقت المناسب.

يمكن القول إن المدرسة يجب أن تتحمل الدور المنوط بها، وجعل المسرح المدرسي عنصرا مهما في مواجهة التعصب، وذلك بتعليم الصغار الروح العلمية ومساعدتهم على التطوير تدريجيا واكتساب القدرة على مقارنة المعلومات ذات الصلة والتأكد من دقتها. كما يمكن استخدام برامج "الحوار مع المتطرفين" على نطاق واسع في الخارج حتى يستطيع الطلاب فهم ومعرفة عواقب التطرف.

بالإضافة إلى ذلك، تشجيع الطلاب على المشاركة في مناقشة بعض المواضيع الحساسة غير المعادية، لرفع مستوى مهاراتهم في التفكير والنقد وتنمية قدراتهم على السيطرة والتحكُّم الذاتي عند تعرضهم لأيديولوجية التطرف في المستقبل، وتحديد خطر أي معلومة دينية خاطئة، وتحسين القدرة على المقاومة. وتجدر الإشارة إلى أن التوعية والتعليم في المدارس لا ينبغي أن يقتصرا على مجرد تلقين الدروس، وإنما ينبغي أن يزرعا روح النقد، ورفع مستوى القدرات لـ"انتقادات تحت خلفية عولمة المعلومات".


* خدمة بيبولز ديلي الصينية