مللنا من تكرار أسطوانة الحقوق المشروخة عند البعض دون وعي أو منطقية في الطرح. ففي غياب الضوابط الشريفة عند صاحب كل حق، يجب أن يسحب منه، تماما كما يسحب حق حضانة طفل من أبوين سيئين، وهل هناك أسمى وأوجب من هذا الحق؟ إلا أنه في حال استخدام حقك كأداة للإضرار بالآخرين، يجب أن يسقط هذا الحق. فالمجرم الذي ألقي القبض عليه يطالب باسم الحق بأمور كثيرة يعلم تماما أنها لو منحت له لسهلت له الطريق لجرائم أخرى.
ما دفعني لكتابة هذا المقال قصة مؤثرة رويت لي عن عاملة منزلية رفعت راية حقوقها في وجوب حصولها على هاتف ذكي للتواصل مع أسرتها، ومتابعة حساباتها في وسائل التواصل الخاصة بها، فلبيت رغبتها، إلا أنها استخدمت هذا الحق في الإساءة لأصحاب العمل من نواح عدة صادمة، كإرسال موقع المنزل إلى بعض بني جلدتها للتواصل معها، وتصوير المنزل بمن فيه في غفلة منهم. لماذا لا تسيج الحقوق بسياج احترازي من باب درء المفاسد في نطاق لا يضر بصاحب الحق، ويضمن سلامة وحق من يتعاملون معه -والعقود التي تبرم بين الأطراف كفيلة بهذا- أم أنه يجب أن يقع الضرر أولا، ثم نفكر في آلية ناجعة لضبط استخدام هذا الحق؟