في خضم النقد المتواصل للخطوط السعودية، لم نسأل أنفسنا هل التزمنا بتعليمات هذه الخطوط، هل كنا مثاليين ولم نكن جزءا من معاناتها في تيسير نقلنا وفي الموعد المطلوب؟!
شخصيا ومن واقع خبرة السنين أجد أن الخطوط السعودية الآن بحال أفضل وبكثير عما كانت عليه قبل نحو عشر سنوات في زمن كنت حتى تخشى على مقعدك ألا يتسنى لك وأنت الذي دفعت مقابله مالا بل وحضرت مبكرا للمطار، لكن لأن هناك عدم احترام للراكب وتفضيل أصحاب الواسطات.
لن أزيد وكل ما يهم الآن أن ناقلنا الوطني بات أكثر التزاما وتفاعلا، ولعل في المنافسة القائمة داخليا وخارجيا مع خطوط مختلفة ما جعله أكثر حيوية وسعيا للارتقاء، ناهيك أن إدارته الحالية قد خرجت من عباءة البيروقراطية الرسمية المتبلدة لتعنى قيادتها بالشباب من القادرين على مواكبة التحديث والرقي.
نعود إلى ما بدأنا به لنقول إننا في تعاملنا مع ناقلنا الحكومي الرسمي تعودنا على النقد ولم نبادر بإصلاح بعض شأننا سواء من الراكب العادي أو المسؤول، فلدى الخطوط المتقدمة قوانين من الصعب كسرها ولدينا قوانين من النادر المحافظة عليها، ولن أنسى قبل نحو عقد من الزمن رحلة من جدة للرياض قد غضبنا من تأخرها وبعد نحو 45 دقيقة من موعدها حضر شاب يافع، كان وضعه الاجتماعي يحتّم على موظفي المطار ومسيري الطائرة انتظاره! ولم يعنيهم أبدا إن كان من بين الركّاب مريض أو من هو على موعد مهم، ولم يعنهم الأهم من ذلك كله وهو احترام المواعيد!
مثل هذه السلوكيات تم تجاوزها الآن، لكن لنكن أكثر عدلا فقد تكون العادات والتحفظات الاجتماعية المبالغ فيها هي السبب وهو ما يحدث من كثير منّا، ولنأخذ مثلا واحدا بسيطا، فخلال كثير من الرحلات المحلية والخارجية، فالمضيفون العاملون على متن الطائرة يعنون بمهام إضافية مجهدة زمنا وتعاملا، وتراهم قبل الإقلاع وكأنهم يحركون قطع شطرنج وسط فوضى عارمة، فهذه لن تجلس بجانب رجل، وتلك تريد أن تكون قريبة من أهلها، وآخر يريد أن يغير كرسيه، وقد أشفقت في رحلتي الأخيرة قبل أيام من حائل إلى الرياض على رجل عربي تم نقله عدة مرات من كرسي لآخر، لأن فخامتها لا تريد هذا المقعد وتشمئز منه!
المسألة لا تنتهي هنا بل بحجم الاستجداءات التي يقدمها المضيفون لتليين موقف صاحب عبارة: "هذا مكاني ولن أغيره"، لتكون المهمة الرئيسة إعادة ترتيب مقاعد الطائرة من جديد، ومع هذا كيف نطلب من المضيفين أن يكونوا وفق الخدمة المطلوبة ونحن نرهقهم قبل الإقلاع ويا له من إرهاق، مع الإشارة ومن خلال اطلاع شخصي أننا أكثر التزاما بمقاعدنا ونحن على متن الخطوط الأجنبية لأننا معها فقط ندرك النظام والالتزام به، وهذا النظام يمنعك ولنواحي السلامة والأمن أن تجلس في مقعد غير المسجل باسمك رسميا لدى مسؤولي الخطوط والمطار والطائرة.
أختم بالقول: علينا أن نعمل على تطوير أنفسنا أولا ومن ثم نبحث عن تطوير خدماتنا، والأهم أن يلتزم أصحاب الشأن والمسؤولون باحترام النظام والحقوق والوقت ولا يتنازلوا عن أي واحدة من هذه الثلاث لأي إنسان مهما علا شأنه "وهو ما تدفع خطوطنا ثمنه مجبرة".. إذا التزمنا بذلك أولا فلنحاسب بعدها ناقلنا الرسمي.