تتوالى الأيام وتتتابع الأحداث وتزداد مفردة "السعودي" والسعودية حضورا وتفاعلا في الداخل والخارج بوجهي المعادلة السلبي والإيجابي، فعلى الصعيد الحكومي تأتي مبادرات دعم وحدة الصف العربي، وحماية القومية من التغول الصفوي الذي يسعى - تباعا- لبسط نفوذه في عديد الخواصر العربية، كذلك مواجهة مخططات زرع الفتنة الطائفية وتأجيجها في داخل النسيج العربي إلى جانب المواجهات الأمنية تجاه الإرهاب بأشكاله المتحولة قاعديا وداعشيا، ويقابل ذلك المساعي الدبلوماسية الجادة والحثيثة لتوسيع قاعدة الحلفاء والأصدقاء في المعترك الدولي وعدم الارتهان لتحولات المزاج الأميركي والتحول شرقا إلى روسيا وغربا في أوروبا.

على أن هذا الحضور الرسمي يواجه بكثير من الاستهداف وحملات التشويه التي يتجند لها الآلاف في الداخل والخارج من خلال القنوات التلفزيونية المسخرة لذلك أو من خلال الوسائط الحديثة، لكننا نحن حملة اللقب "السعودي" أكثر من يسهم عمدا أو غشامة في هذا التشويه من خلال كثير من سلوكياتنا المارقة عن النسق والنهج الحضاري المنسجم مع العصرنة والحداثة، ولعل سبب ذلك هو الارتخاء والمحسوبيات في تطبيق العقوبات الموجبة للحفاظ على النظام البيئي الاجتماعي والنظام المروري، ومرد ذلك أيضاً غياب الانسجام والتوافق بين بعض أفراد المجتمع والمؤسسات الرسمية انطلاقا من الأنانية والفردية التي نشأت لدى المواطن السعودي، بحيث صار لا يكترث لكل ما له علاقة بالقطاعات العامة أو ما يتجذر في النفوس وما يعرف في "حلال الدولة" المنتهك من الأفراد لمجرد أنه لا يدخل في نطاق ملكياتهم.

وهكذا فإن علينا البدء في علاج هذه الخصلة الذميمة وتذويب الفوارق بين الملكيات الفردية الخاصة، والملكيات الجمعية العامة، إضافة إلى ضرورة تخفيف حجم اتكالنا على خدم المنازل وعمال النظافة، وأن نتحول إلى الأخذ بتجارب الكثير من الدول التي تدخل طلاب مدارسها في ممارسة الكثير من الأعمال التطوعية، ومن ذلك تكليفهم - أحياناً- بتنظيف أحواش وممرات وحمامات المدارس والحدائق العامة بحيث يتم إقرار ذلك ضمن مناهج المدارس.