كتبت صحيفة "رشا توداي" تقريرا أمس تحدثت فيه عن إيجابيات اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي، باراك أوباما في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السبعين. مشيرة إلى توصيف الرئيس الروسي، بأنه كان صريحا وأظهر قدرة الطرفين على العمل معا في البحث عن حلول للقضايا ذات الاهتمام المشترك.
اجتماع الرئيسين، والذي كان محط اهتمام بالغ من وسائل الإعلام والمتابعين، تواصل نحو ضعف الوقت المقرر، إذ استغرق ساعة و40 دقيقة، فيما كان وقته الرسمي المعلن 55 دقيقة.
وكان آخر اجتماع بين الزعيمين جرى في يونيو 2013. وتدهورت علاقات البلدين بشكل ملحوظ في السنتين الأخيرتين بسبب النزاع في أوكرانيا. وأشار بوتين إلى أن العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة وصلت إلى أدنى مستوى لها، باختيار واشنطن، لا بذنب موسكو.
نقاط الاتفاق
ومن أبرز نقاط الاتفاق بين الزعيمين خلال اجتماعهما، هو التأكيد على رفض العودة إلى الحرب الباردة، وأبرزت تصريحاتهما عقب اللقاء اتفاقهما على بذل مزيد من الجهود لحل الإشكالات التي تعكر صفو علاقات البلدين، خصوصا في الملف السوري، وإقامة الآليات الضرورية للتنسيق. واتفق الرئيسان، حسب مصدر في البيت الأبيض، على إقامة اتصالات بين عسكريي البلدين لتفادي حدوث نزاع بشأن عملية محتملة في سورية، كما اتفقا على بحث خيارات الحل السياسي للأزمة السورية.
وكذلك تم التأمين على ضرورة مواجهة خطر تنظيم داعش والإرهاب بشكل عام، إلا أنهما أبديا وجهات نظر متعارضة بشأن كيفية تحقيق ذلك.
وفي الشأن الأوكراني، توافقت آراء الرئيسين على ضرورة تطبيق اتفاق "مينسك" لتسوية النزاع في أوكرانيا، إلا أن مواقفهما السابقة ظلت على حالها متناقضة، بشأن مسؤولية الأزمة والموقف من مستجداتها اللاحقة.
وكذلك تم التأمين على ضرورة تطوير عمل الأمم المتحدة، والتشديد على احترام القوانين والمبادئ الدولية، إلا أن الرئيس الروسي أولى اهتماما أكبر بهذه النقطة، إذ نوه بدورها المحوري باعتبارها المنظمة الدولية الوحيدة الشاملة، لافتا إلى ضرورة بذل الجهود كي تتكيف مع متغيرات العصر، ومحذرا من العواقب الوخيمة لمحاولات تقويض مصداقيتها وشرعيتها.
نقاط الاختلاف
وبموازاة الاتفاق على بعض القضايا، ظلت مواقف الرئيسين متباعدة حول بعض الملفات، ففي الشأن السوري مثلا، تناقضت مواقفهما بشكل خاص حول مستقبل بشار الأسد، وبشأن العمل معه لمواجهة تنظيم داعش، إضافة إلى الاختلاف حول مسؤوليته عن الوضع في بلاده. كما اختلفا أيضا في رؤيتهما لأسباب ظهور "داعش"، فبينما تحدث أوباما عنها كما لو أنها ظهرت فجأة من لا شيء، شدد بوتين على أن التنظيم "لم يسقط من السماء"، بل جرت رعايته كأداة ضد الأنظمة غير المرغوب فيها، وأنه تمكن من ملء الفراغ الذي نتج عن الفوضى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واستفاد من غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، بانضمام الآلاف من جنود الجيش العراقي الذي حلته واشنطن. وكذلك صبغ الخلاف مواقف الزعيمين بشأن تفاصيل الأزمة الأوكرانية، إذ تمسك أوباما بتحميله روسيا المسؤولية عن هذه الأزمة التي نشأت بفعل نشر ما يعرف بالثورات الملونة، واشتعلت بعد الإطاحة برئيس البلاد الشرعي. وكذلك عاد التباعد في المواقف فيما يخص الأمم المتحدة، فبينما رأى أوباما أن عمل المنظمة الأممية ليس في مستوى التطلعات بعد 70 عاما على ميلادها، بينما أشار بوتين إلى أن مبدأ عمل هذه المنظمة المحورية في حل المشكلات الدولية عبر الحلول الوسطى "تم تعطيله بهيمنة قطب واحد يؤمن بفرديته"، مشيرا إلى التبعات الخطرة لمثل هذا السلوك، وهو ما ظهر في تدمير مؤسسات الدولة في العراق وليبيا.
وختمت الصحيفة بأنه تصعب الإحاطة الآن بنتائج لقاء القمة الروسية الأميركية في نيويورك، مشيرة إلى أن المستجدات السياسية ستكشف بوضوح أكبر ميزان التوافق والاختلاف بين الدولتين العظميين.