كل العالم التواصلي اليوم يميل إلى الاختزال، وهذا مواكب للحركة الزمنية التي نعيشها، غير أن الاختزال كفكرة من أصعب ما يمكن تطبيقه عمليا، بينما هو كفكرة أيضا دلالة على سعة الأفق المعرفي، وخير دليل على ذلك مقولة النفري الشهيرة: (كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة).

هذا على المستوى الإبداعي المكتوب، الذي خرجت منه فكرة موقع التواصل الاجتماعي الشهير تويتر، بحيث تختزل قضية طويلة عريضة في فقرة من 140 حرفا.

الذي طرأ أخيرا هو انسحاب تلك الفكرة الكتابية على بعض الأعمال المرئية في "اليوتيوب" إذ خرجت فكرة الاختزال مرة أخرى من خلال تقديم مادة تلفزيونية مقتضبة، تختزل القضية محل النقاش في مدة زمنية قصيرة قد لا يصل بعضها إلى دقيقة واحدة.

رأيت نموذجين مرئيين للزميلين الإعلاميين أحمد العرفج ومحمد الرطيان، وهي وإن كانت جميلة كفكرة اختزال، إلاّ أن ما يشوبها من وجهة نظري هو حضور الذات على المادة المرئية بشكل غير مؤدٍّ، فليس من الضرورة أن تكون العدسة طوال الوقت على وجه المقدّم، وهو يطرح مادته المختزلة، إذ من الممكن توظيف تلك المساحة الزمنية بشكل إبداعي من خلال مادة فيلمية تتناسب مع المضمون، كما أن كلا العملين كانا على شكل وعظي وتلقيني، والوعظ والتلقين ليسا من مهام الفن.