"ربما يوجد في عالمنا العربي أدب موجه للطفل، لكنه في أغلبه يكتب من وجهة نظر من يكتب للكبار، بنفس الشكل وبذات الرؤية، فتكون الكتابة بهذا الشكل من ضمن العوامل التي تعمل على عزوف الأطفال عن القراءة، وهناك العامل الأهم الذي يضاف إلي البيت الذي قصر في تربية الطفل ومنح تلك المهمة للمؤسسة ولأفراد لا يمتلكون أي حس معرفي، ولا ذائقة تعرف مكمن الجمال فتنميه.

فلو نظرنا إلي المدرسة، فسوف ندرك أنها تعمل على تحويل الأطفال إلى خزانات قابلة للحشو عبر عملية تعليمية تعتمد على التلقين، وهم بذلك يقتلون ملكة الابتكار، وتتراجع الذائقة الخاصة باستقبال الجمال وفهم مكوناته، في نفس الوقت الذي يتم فيه توجيه العين الخاصة بكل واحد منهم إلى منجز العالم المرتبط بالقفزة المعلوماتية، فنجدهم يستخدمونها في نطاق التسلية وتمضية الوقت ما بين الألعاب التي  تغذي العنف لديهم، وتصب في صالح الارتباط بكل ما يقدمه مالك تلك الصناعة، والتي تخدم توجهاته.

ورغم تلك المعوقات، فإن الحاجة إلي أدب طفل موجه إليه باتت من ضروريات الحاضر والمستقبل، ومن يقوم بتلك المهمة يجب أن يمتلك موهبة خاصة، وأن تسكنه روح طفل، وأن يكون على دراية تامة بالتركيب النفسي له، فيترك مقعده، وينزل إلى عالم الطفل، ويتحدث بلسانه متخذا وسيلته من مفردات تحيط بالطفل.

ولو نظر الكاتب إلى مفردات البيئة، وكذلك إلى التراث الشعبي والتاريخ بكل مراحله، وقدم من كل هذا أعمالا تجعل الطفل يدرك ما كان، وما وجد فيه، وما سوف يكون، فهو بذلك يقدم خدمة جليلة لأمته، فعودة الطفل إلى جذوره بمثابة وضع أساس قوي له، فيستمد مقوماته من تراثنا وتاريخنا، ونجاح الكاتب إذا ما أدرك هذا، يتوقف على ابتعاده عن طريقة الوعظ."